عن العمل بمؤدى الامارة، فلو قامت على وجوب الجمعة مثلا فمؤداها وجوب الجمعة، والعمل بمؤداها ليس الا عبارة أخرى عن إتيان الجمعة، فلو فرضت حرمتها واقعا لزمت المحذورات، ولو فرض كون قيام الامارة سببا لحدوث ملاك فيها وجب الكسر والانكسار بين الملاك الذاتي والطاري، وكان الحكم تابعا لاقواهما فهذا البيان لا يصحح الجمع بين الحكمين.
فافهم.
الوجه الثاني: انه سلمنا كون سلوك الامارة عنوانا مستقلا مشتملا على ملاك مستتبع للحكم، ولكن الالتزام بذلك يخرج هذا الحكم عن كونه حكما ظاهريا ويجعله حكما واقعيا في عرض سائر الأحكام الواقعية، فان الحكم الظاهري كما عرفت ما يكون تشريعه لحفظ الأحكام الواقعية وتنجيزها في صورة الجهل، حيث إن الحكم الواقعي كما عرفت وان لم يكن مقيدا بالعلم والجهل ولكن داعويته في نفس العبد انما يكون في صورة العلم به فقط، فلو أراد المولى انبعاث العبد في صورة الجهل أيضا، لزمه جعل حكم ظاهري طريقي لغرض حفظ الواقع دون ان يكون متعلقه بنفسه مشتملا على المصلحة فلو كان غرضه حفظ الواقع في صورة الجهل، مطلقا، لزمه إيجاب الاحتياط، ولو لم يكن الغرض حفظه مطلقا من جهة اشتمال الاحتياط على مفسدة شديدة، كان عليه جعل طرق موجبة لتنجز الواقع على فرض الإصابة، وكيف كان فاشتمال الحكم المجعول في باب الطرق على مصلحة غير مصلحة الواقع يخرجه عن كونه حكما ظاهريا، و يجعله حكما واقعيا عن مصلحة في متعلقه، ولا يتنجز به الواقع أصلا وان صادفه، فان العلم بحكم ثابت لعنوان لا يكون منجزا لحكم اخر مجعول على عنوان اخر، فافهم.
هذا كله فيما يتعلق بالمحذور الملاكي، وقد عرفت ان الحق في دفعه ان يقال: ان جعل الامارات على نحو الطريقية، وان جعلها لا يوجب تفويت المصلحة والالقاء في المفسدة، بل التفويت والالقاء يحصلان بنفس جهل المكلف، والامارة لا يترتب عليها الا الخير.
الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري بنحو الترتب:
واما المحاذير الثابتة في نفس الحكم التي عمدتها كما عرفت، في صورة مخالفة الامارة للواقع فقد أجيب عنها بوجوه:
الأول: ما ذكره الميرزا الشيرازي (قده) وقرره تلامذته من القول بالترتب، بحيث يرتفع الاصطكاك المتوهم بين الحكمين. وتقريبه ان يقال: ان الحالات الطارية لموضوع الحكم على