وقد نقل أيضا قصة مصعب بن عمير حيث أرسله النبي صلى الله عليه وآله إلى يثرب فوجه الناس إلى الاسلام بقراءة القرآن.
فأمثال هذه القضايا تشهد بأنهم كانوا يفهمون القرآن كيف وقد قال تعالى في شأنه: (نذيرا للبشر) وقال: (لا نذركم به ومن بلغ).
وبالجملة، فالقرآن نزل بلسان قوم النبي صلى الله عليه وآله مبينا لمقاصده بنحو يخرج عن طاقة البشر، فان المتكلمين مختلفون متفاوتون في افهام المقاصد وسوق المستمعين جانب المقصود.
قال الشيخ (محمد عبده) في شرح نهج البلاغة في مقام بيان علوه ما حاصله:
(انى وقفت على هذا الكتاب فقرأت صفحة منه فرأيت نفسي في ضمن عسكر عظيم قد خاطبهم خطيب يشجعهم ويحرضهم على القتال فأبلغ في خطاباته إلى أن وجدت نفسي كالمتهيئ معهم للقتال وقرأت صفحة أخرى منه فرأيت نفسي في مجمع من الزهاد والعباد يخاطبهم خطيب يخوفهم ويحذرهم ويحثهم على تقوى الله، حتى صرت كأني أحد منهم وقد تهيأت للعبادة وحصلت في، ملكة الزهادة وهكذا كل صفحة منه تصور لي مجلسا وخطيبا يحث على مقصد عال.) انتهى.
فالقرآن في الدرجة العليا من هذا الشأن، فيسوق الناس إلى ما فيه صلاحهم وسعادتهم، وبالجملة فالاستفادة من القرآن كان من دأب المسلمين إلى أن ظهر من بعض المنتحلين إلى الامامية في الأعصار الأخيرة، التشكيك في ذلك.
أدلة المفصلين ونقدها:
وقد ذكر في (الكفاية) لهم وجوها خمسة:
الأول: دعوى اختصاص فهم القرآن بأهله ومن خوطب به من النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام، كما يشهد لذلك ما ورد في ردع (أبي حنيفة) و (قتادة) عن الفتوى به، حيث قال أبو عبد الله عليه السلام لأبي حنيفة: (أنت فقيه العراق؟ قال نعم، قال فبم تفتيهم؟
قال بكتاب الله وسنة نبيه، قال يا أبا حنيفة تعرف كتاب الله حق معرفته وتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال نعم، قال: يا أبا حنيفة لقد ادعيت علما، ويلك، ما جعل الله ذلك الا عند أهل الكتاب الذين أنزل عليهم، ويلك ولا هو الا عند