على نفسها. ولا شك في بطلان تقدم الشئ على نفسه، وإن لم يكن دورا بحسب الاصطلاح، فتدبر.
إشكالات الباب تعم أخذ سائر الدواعي في المأمور به:
اعلم أنهم خصصوا إشكال الباب بصورة أخذ داعي الامر في المأمور به ولكن الظاهر أن الاشكالات الواردة في مقام الامتثال لا تختص به، بل تجري في أخذ سائر الدواعي أيضا.
فكما ترد الاشكالات فيما إذا تعلق الامر بالصلاة بداعي الامر، ترد أيضا فيما إذا تعلق بالصلاة بداعي حسنها أو محبوبيتها أو كونها ذات مصلحة، إذا الامر بعد تعلقه بالفعل المقيد بإتيانه بداعي الحسن أو المحبوبية أو كونه ذا مصلحة، يستكشف منه أن الحسن والمحبوبية و المصلحة إنما هي للفعل المقيد، لا لذات الفعل، لعدم جواز تعلق الامر إلا بما يشتمل على المصلحة ويكون حسنا ومحبوبا، ولا يجوز تعلقه بأعم من ذلك، وحينئذ ترد الاشكالات بعينها، أما الدور، فلان داعوية حسن الفعل مثلا تتوقف على كونه حسنا، وكونه حسنا يتوقف على داعوية الحسن، فيدور، وأما عدم القدرة في مقام الامتثال، فلان إتيان الصلاة مثلا بداعي حسنها يتوقف على كون الذات حسنة، والمفروض أن الحسن إنما هو للفعل المقيد، وبذلك يظهر تقرير التسلسل أيضا.
بل يمكن أن يقال: إن المحذور في مثل داعي الحسن ونظائره أشد من المحذور في داعي الامر، فان الاشكال في باب داعي الامر كان ممكن الدفع عندهم بالالتزام بوجود أمرين، تعلق أحدهما بذات الفعل، والاخر بإتيان الفعل بداعي الأمر الأول، كما سيأتي بيانه. وأما إشكال داعي الحسن وأمثاله فلا يدفع بذلك، وذلك لان الامر لما كان من الأفعال الاختيارية للامر كان لاحد أن يقول بصدور أمرين عنه، تعلق أحدهما بأعم مما يحصل الغرض، أعني ذات الفعل، و الاخر بما يساويه، أعني المقيد بداعي الامر، ولكن الحسن و المحبوبية إنما يتحققان فيما يحصل الغرض، ولا يعقل تحققهما في أعم منه.
وقد تلخص مما ذكرنا: أن الوجوه التي ذكروها لامتناع أخذ قصد الامر في المأمور به يرجع بعضها إلى الامتناع في مقام الامر، و بعضها إلى الامتناع في مقام الامتثال، وقد ظهر الجواب عن القسم الأول، فعمدة الاشكال في الباب هي الاشكال في مرحلة الامتثال، و هو الحقيق بأن يتصدى للجواب عنه.