الانتزاعي، والمفروض أن وجوده عين وجود الاجزاء فيتبعض الامر اعتبارا بتبعض المركب الذي هو عين المأمور به خارجا، ولاجل ذلك قال في الكفاية في هذا المقام ما حاصله: إن تصوير الجامع البسيط بين الافراد الصحيحة لا ينافي جريان البراءة مع الشك في الاجزاء (انتهى).
وكيف كان فلنرجع إلى أصل المقصود، فنقول: تصوير الجامع بين الافراد الصحيحة على ما بيناه بلا إشكال، وإنما المشكل تصويره بين الصحيح والفاسد، وقد ذكر في الكفاية وجوها خمسة لتصويره مع الجواب عنها، ولا يهمنا ذكرها فلنذكر أدلة الطرفين في أصل المسألة.
الاستدلال للقول بالصحيح:
قد استدل للصحيحي بوجوه، منها - التبادر. ويرد عليه: أن ادعائه إنما يصح بعد تصوير مفهوم مبين يكون هو الجامع بين الافراد الصحيحة والمتبادر من اللفظ عرفا، والمفروض أنه مما أشكل لدى القوم.
وأما ما ذكره في الكفاية: من تصوير المسمى بلفظ الصلاة مثلا (بالناهية عن الفحشاء)، وما هو (معراج المؤمن) ونحوهما، فقد عرفت ما فيه وأن المتبادر من لفظ الصلاة ليس أمثال هذه المفاهيم والآثار، بل قلما يلتفت إليها ذهن المخاطب عند سماع لفظ الصلاة.
ومنها الاخبار الظاهرة في إثبات بعض الخواص والآثار للمسميات:
كقوله صلى الله عليه وآله: (الصلاة عمود الدين، أو معراج المؤمن، أو أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، ونحو ذلك) وتقريب الاستدلال بها بوجهين: الأول: أنه لا شك في أن هذه الآثار آثار لخصوص الافراد الصحيحة لا الأعم، وحينئذ فإن كان الموضوع له للفظ الصلاة مثلا هو الأعم كان الموضوع في القضية ملحوظا بنحو الاهمال، و إن كان الموضوع له خصوص الصحيح كان الموضوع ملحوظا بنحو العموم والسعة، وحيث إن ظاهر تعليق الحكم على الطبيعة المحلاة باللام هو كون الطبيعة بوجودها السعي موضوعا للحكم، فاللازم منه كون الموضوع له للألفاظ خصوص الصحيح.
الثاني: أنه بعد ما نعلم أن المراد من الموضوع في هذه القضايا بلحاظ الآثار الثابتة له هو خصوص الصحيح، يتردد الامر بين أن يكون الموضوع له خصوص الصحيح فيكون الاستعمال في هذه القضايا بنحو الحقيقة، وبين أن يكون هو الأعم فيكون بنحو المجازية، فبأصالة الحقيقة يثبت أن الموضوع له خصوص الصحيح.