وهذا المعنى مما يحكم بحسنه جميع العقلا، فلا معنى للنزاع في جوازه، بل النزاع في المقام انما هو في أنه هل تجوز القناعة بالامتثال الاجمالي أم لا؟ فالقائل بالجواز يقول بكونه احتياطا لعدم كونه موجبا للاخلال بشئ مما يعتبر في العبادة، والقائل بعدم الجواز يقول بعدم كونه احتياطا لاستلزامه الاخلال ببعض ما يعتبر فيها من قصد القربة أو قصد الوجه، فالنزاع في الحقيقة في تحقق الاحتياط و عدمه، لا في جوازه بعد تحققه.
إذا عرفت ما ذكرنا فنقول:
اما القسم الأول من أقسام الأقل والأكثر، أعني صورة ثبوت الجزئية للشئ وتردد امره بين الوجوب والندب، فالاحتياط فيه ممكن بلا شك وارتياب من دون ان يكون في البين إخلال بشئ مما يحتمل دخالته في العمل كقصد الوجه مثلا.
وتحقيق ذلك يتوقف على بيان كيفية تصوير الجز الندبي للعمل الواجب فإنه من الأمور المشكلة.
تصوير الجز الندبي:
الظاهر أنه لا يتصور كون شي كالقنوت مثلا مع استحبابه جز للصلاة إلا أن يفرض الصلاة عنوانا بسيطا [1] ذات مراتب طولية ينتزع بعض مراتبها من الأقل وبعضها من الأكثر ويصدق هذا العنوان البسيط بمرتبته الناقصة على الأقل وبمرتبته الكاملة على الأكثر صدقا عرضيا [1] ولنذكر لذلك مثالا عرفيا، وهو انه إذا امر المولى عبده ببناء مدرسة فللعبد بناء مدرسة تشتمل على عشر حجرات مثلا وله بناء مدرسة تشتمل على مائة حجرة والمدرسة عنوان عرضي مقول بالتشكيك على مجموع المتكثرات، فإذا بنى العبد ما تشتمل على المائة أيضا تصير بأجمعها منطبقا لعنوان المأمور به وامتثالا للامر الوجوبي و كذا لو امر عبده بتشكيل مجمع، فله تشكيل مجمع يشتمل على خمسة نفر وله تشكيل ما يشتمل على مائة مثلا، والجمعية عنوان عرضي تنتزع من مجموع المتكثرات كما لا يخفى.
ثم إنه ربما يتوهم جواز تصوير الجز الندبي بنحو آخر وذلك بان يكون الندبي جز من الفرد دون الطبيعة كاللحية التي هي جز من زيد دون الانسان.
وفيه: ان هذا يصح في ما إذا اتحد أجزأ الفرد بحسب الوجود كما في مثل زيد ولحيته واما المركب الاعتباري كالصلاة مثلا فجزئية شي لها تحتاج إلى الاعتبار، فإنها حقائق متباينة متعددة بحسب الوجود ووحدتها باعتبار المعتبر، فلا تنتزع الجزئية الا عما دخل تحت الامر والا للزم كون تحريك اليد مثلا أيضا من اجزائها مع أنه من المقارنات. فافهم. ح - ع - م.