مسألة علمنا بذلك انهم تلقوها عن النبي صلى الله عليه وآله.
ولكن يمكن ان يقال: بأنا لا نسلم تمامية هذه الطريقة بنحو الكلية بحيث يحكم بالملازمة العادية بين اتفاق العلماء على امر وبين العلم بتلقيهم ذلك من المعصوم عليه السلام أو وصول دليل معتبر منه إليهم، الا ترى ان علماء المعقول مع تعمقهم ودقة إنظارهم كثيرا ما اتفقوا على بعض المسائل في أعصار متتالية ثم ظهر خلافها بالدليل والبرهان.
نعم لو كانت المسألة من المسائل النقلية المحضة واتفق عليها الفقهاء الذين لا يتعبدون الا بالنقل طبقة بعد طبقة إلى عصر المعصومين عليهم السلام علم منه قهرا انهم تلقوها منهم بعد ما أحرزنا انهم لم يكونوا ممن يفتى بالقياس والاستحسانات العقلية والاعتبارات الظنية.
ولكن هذا الكلام يجري في المسائل الكلية الأصلية المبتنية على النقل المحض، نظير بطلان العول والتعصيب في المواريث الذي هو من ضروريات فقه الشيعة بتلقيهم إياه من الأئمة عليهم السلام.
واما المسائل العقلية المحضة كالمسائل الكلامية، وكذا المسائل التفريعية التي استنبطها الفقهاء من المسائل الأصلية والقواعد الكلية باعمال النظر والاجتهاد، فاتفاق العلماء فيها لا يكشف عن تلقيها عن المعصومين عليهم السلام بل يكون من باب التوافق في الفهم و النظر.
هذا كله في ماهية الاجماع، واما الاجماع المنقول فسيأتي البحث فيه.
البحث في الاجماع المنقول اعلم أن الشيخ الأنصاري (ره) في الرسائل ذكر للبحث عن الاجماعات المنقولة مقدمتين:
الأولى ما محصلها: ان أدلة حجية الخبر انما تدل على حجيته إذا كان الاخبار عن حس فلا تشمل الاخبار عن الحدسيات المحضة المبتنية على الاجتهاد والنظر.
الثانية ما محصلها: ان وجه حجية الاجماع عند الإمامية - كما قالوا - هو اشتماله على قول الإمام المعصوم عليه السلام فيكون نقله نقلا لقوله عليه السلام فيدخل قهرا في الحديث والخبر. ولكن مستند علم الناقل لقوله عليه السلام اما السماع منه في جملة جماعة، أو قاعدة اللطف التي بنى عليها الشيخ في العدة، أو الحدس لقوله عليه السلام من أقوال العلماء بشقوقه. والأول في غاية القلة بل نعلم جزما بأنه لم يتفق لاحد من الشيخين والسيدين وغيرهما من الناقلين للاجماعات الدارجة فلا محالة يكون الاخبار بقوله عليه السلام من باب اللطف أو الحدس. واللطف لا نقول بوجوبه. ولم يعلم كون الحدس من قبيل الحدس الضروري المبتني على الآثار المحسوسة نظير الاخبار بالعدالة أو الشجاعة بمشاهدة