البحث في الشهرة الفتوائية الأمر الثاني في الشهرة الفتوائية:
وقد استدل لحجيتها بمرفوعة زرارة عن الباقر عليه السلام ومقبولة عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله عليه السلام.
ففي الأولى في حكم الخبرين المتعارضين قال: (يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر.) فقلت: يا سيدي انهما معا مشهوران مرويان مأثوران عنكم؟. فقال: (خذ بقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك الحديث) وفي الثانية بعد فرض اختلاف الحكمين لروايتهما حديثين مختلفين وكون راويهما عدلين مرضيين قال: (ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه من أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فان المجمع عليه لا ريب فيه.) قلت: فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟. الحديث.
والمحتملات في قوله: (المجمع عليه) بالنظر البدوي أربعة: المتفق عليه عند الجميع أو المشهور بين الأصحاب في قبال الشاذ النادر، و على الوجهين الاتفاق أو الشهرة في الرواية أو في الفتوى فهذه أربعة.
اما احتمال كون المراد الاتفاق في الرواية فهو باطل قطعا لعدم وقوع هذا الامر خارجا، إذ ليس لنا رواية رواها جميع أرباب الأصول و الجوامع فان أصحاب الإمام الصادق عليه السلام - على ما قالوا - كانوا أربعة آلاف ولم يتفق اتفاق جميعهم على نقل رواية واحدة عنه عليه السلام.
وكذا احتمال كون المراد الاتفاق في الفتوى إذ المستفاد من الحديث وجود الشاذ في قباله.
ومقتضى التعليل بكون المجمع عليه لا ريب فيه كون مقابله مما فيه ريب، ولو كان الفتوى مما اتفق عليه الكل بلا استثناء كان القول بخلافه واضح البطلان لا مما فيه ريب.
وبعبارة أخرى: المقصود بالمجمع عليه بقرينة ذكر الشاذ الذي ليس بمشهور في قباله هو المشهور لا المتفق عليه. وكذا احتمال ان يكون المراد الشهرة الروائية لوضوح بطلانه وان أصر عليه بعض، إذ مقتضى إطلاقه على هذا لزوم الاخذ بالرواية التي رواها أكثر الأصحاب وان أعرضوا عنه