قال (قده) ما هذا لفظه: (المقام الثاني في إجزاء الاتيان بالمأمور به بالامر الظاهري وعدمه، والتحقيق أن ما كان منه يجري في تنقيح ما هو موضوع التكليف وتحقيق متعلقه وكان بلسان تحقق ما هو شرطه أو شطره، كقاعدة الطهارة أو الحلية، بل واستصحابهما في وجه قوي ونحوها بالنسبة إلى كل ما اشترط بالطهارة أو الحلية يجزي، فإن دليله يكون حاكما على دليل الاشتراط ومبينا لدائرة الشرط وأنه أعم من الطهارة الواقعية والظاهرية، فانكشاف الخلاف فيه لا يكون موجبا لانكشاف فقدان العمل لشرطه، بل بالنسبة إليه يكون من قبيل ارتفاعه من حين ارتفاع الجهل، وهذا بخلاف ما كان منها بلسان أنه ما هو الشرط واقعا، كما هو لسان الامارات فلا يجزي) (انتهى).
التكاليف الظاهرية على قسمين:
أقول: تحقيق المقام - على نحو يظهر منه مراد صاحب الكفاية أيضا مع ما فيه - هو أن التكاليف الظاهرية على قسمين:
القسم الأول:
منها: ما ليست بنفسها تكاليف مستقلة، بل كان لها النظر إلى التكاليف الواقعية، ولها اصطكاك معها، بأن كانت بلسان تبيين ما هو وظيفة الشاك في أجزأ الواجب الواقعي المعلوم وشرائطه وموانعه، وهذا إنما يتصور فيما إذا صدر عن الشارع أمر واحد متعلق بطبيعة مثل الصلاة، وكانت لهذه الطبيعة أجزأ وشرائط وموانع معينة، بينها الشارع، ثم صدرت عنه تكاليف أخر، ناظرة إلى بيان الوظيفة لمن شك في أجزأ هذه الطبيعة وشرائطها وموانعها.
فهذه التكاليف ليست تكاليف مستقلة في قبال الواجبات الواقعية المستقلة، بل لها اصطكاك معها ونظر إليها، سواء كانت في الشبهات الموضوعية، كقاعدة الفراغ مثلا بالنسبة إلى من شك في إتيان جز أو شرط أو مانع، وكاستصحاب العدم لمن شك في إتيان جز في محله، وكالبينة القائمة على إتيان جز أو عدم إتيانه مثلا.
أو كانت في الشبهات الحكمية كحديث الرفع الدال على رفع جزئية السورة أو الاستعاذة، وكقاعدة الطهارة الدالة على طهارة الحيوان المتولد من طاهر ونجس مثلا المقتضية لجواز الصلاة مع ملاقاة البدن له، وكالخبر الموثق الدال على جزئية السورة أو عدم جزئيتها.
وبالجملة: القسم الأول من التكاليف الظاهرية ما كان بلسان تعيين الوظيفة بالنسبة إلى من شك في خصوصيات التكليف الواقعي المعلوم من الشرائط والاجزاء والموانع، سواء كان هذا