بالاجمال. والوجه الثاني أبعد عن الاشكال ولا يبعد دعواه إذ نعلم قطعا بوجود تكاليف واقعية كثيرة في ضمن الامارات والأصول المثبتة وليس الانحلال بسببها حكميا بخلاف التقريب الأول.
بيان ضابطة لانحلال العلم الاجمالي:
والأنسب هنا، ذكر ضابطة لانحلال العلم الاجمالي والإشارة إلى صور الانحلال وصور لا يمكن فيها القول به، وقبل ذلك نشير إلى نكتتين:
1 - انه كلما صار حدوث علم تفصيلي أو إجمالي صغير، موجبا لانحلال الاجمالي الكبير المتحقق قبلا ومانعا عن بقائه، فلا محالة يكون حدوث هذا العلم التفصيلي أو الاجمالي الصغير قبل تحقق سبب الكبير مانعا عن حدوثه وعن تأثير سببه في إيجاده.
2 - لا يخفى ان إجمالية العلم انما هي بتردد متعلقه بين أمرين أو أمور، فالاجمال ليس في نفس العلم بل في متعلقه ولكن تردد المتعلق و الشك فيه من مقومات كون العلم إجماليا بحيث لولاه لم يعقل كون العلم إجماليا وهذا واضح. وحينئذ فلو فرض عدم وجود شك وتردد في الأطراف وراء التردد الذي هو من مقومات إجمالية العلم، فلا محالة يكون حدوث العلم التفصيلي بكون المعلوم في هذا الطرف ملازما لعلم التفصيلي بعدم وجود سنخه في الطرف الآخر. مثلا لو علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين فكل منهما مشكوك النجاسة لأنه معنى إجمالية العلم، وحينئذ فلو فرض عدم شك في النجاسة وراء الشك الذي تتقوم به إجمالية العلم فحدوث العلم التفصيلي بكون النجس هذا الفرد يوجب العلم التفصيلي بطهارة الاخر لا الشك في طهارته، فقولهم: ان العلم الاجمالي ينحل إلى علم تفصيلي وشك بدوي غير صادق في هذا الصورة.
نعم لو كان مع العلم الاجمالي بنجاسة أحدهما شك أيضا في النجاسة وراء الشك الذي تستلزمه إجمالية العلم فحدوث العلم التفصيلي بنجاسة الاحد المعين وإن كان يوجب زوال العلم الاجمالي والشك الذي يستلزمه العلم ولكنه يبقى مع ذلك الفرد الآخر مشكوكا بالشك الذي كان مقارنا مع العلم، ففي مثل هذه الصورة يصدق ما ذكروه من انحلال العلم الاجمالي إلى العلم التفصيلي والشك البدوي، فليس المراد بالشك البدوي شكا حادثا بعد الانحلال، بل المراد به، الشك الذي كان مع العلم وراء الشك الذي كان من مقوماته.