المفسدة الكامنة فيه، فتأمل.
الاضطرار إلى محرمين أحدهما أهم:
واعلم أن الاضطرار إن كان إلى المعين فلا إشكال في ارتفاع حرمته به، وإن كان إلى غير المعين كأحد الامرين مثلا، فإن كان أحدهما أهم وجب رفع الاضطرار بالاخر، فإن رفعه بالأهم عصى واستحق عليه العقاب إما على تمامه أو على المقدار الذي صار سببا لأهميته، و إن لم يكن أحدهما أهم تخير في رفع اضطراره، هذا إذا لم يكن الاضطرار بسبب اختياره أمرا اختياريا يؤدى إلى الاضطرار إلى الحرام، وأما إذا كان اضطراره إليه بسبب اختيار أمر يؤدى إليه لا محالة فإما أن يكون الفعل الذي يختاره مباحا ذاتا، وإما أن يكون محرما من غير سنخ الحرام المضطر إليه، وإما أن يكون محرما من سنخه، وعلى الثالث فإما أن يكون المضطر إليه من تتمة ما يختاره، وإما أن يكون فردا آخر في قباله، فالصور أربع:
الأولى: كأكل الطعام المباح الذي يؤدى إلى المرض والاضطرار إلى شرب الخمر لدفعه.
والثانية: كقتل النفس المحترمة المؤدى إلى أخذه وحبسه في المحبس الغصبي.
والثالثة: كالدخول في الدار المغصوبة بالاختيار المؤدى إلى الاضطرار إلى التصرف الخروجي.
والرابعة: كالتصرف في مال الغير المؤدى إلى أخذه وحبسه في المحبس الغصبي.
وفي جميع هذه الصور إما أن يكون حين ارتكابه للفعل الاختياري ملتفتا إلى أدائه إلى الاضطرار إلى الحرام، وإما أن يكون مترددا فيه، وإما أن يكون غافلا عنه، فإن كان غافلا عن أدائه إليه فلا إشكال في عدم وقوع المضطر إليه محرما فعليا وكون الاضطرار رافعا لحرمته سواء كان الفعل الاختياري المؤدى إليه محرما أو مباحا، إذ في صورة الحرمة أيضا لم يقدم المكلف إلا على ارتكاب هذا الحرام دون ما يتعقبه.
وإن كان ملتفتا إلى أدائه إليه [1] فالاضطرار وإن كان رافعا للزجر الفعلي بالنسبة إلى المضطر إليه، إلا أنه لما كان بسوء الاختيار كان العصيان والمبغوضية باقيين بلا ريب، فإن العقل الحاكم بقبح تكليف المضطر وعقابه لا يحكم به في هذا المقام، وحديث الرفع أيضا منصرف عن هذا [1] أقول: لا بد من أن يكون مراده (مد ظله العالي) من الالتفات خصوص صورة العلم بالأداء، وعلى هذا فلم يعلم من كلامه حكم صورة التردد ح - ع - م.