في باب المجازات ليس هو الاستعمال باعتبار أنواع العلائق المعهودة، بل المرخص فيه هو الاستعمال، باعتبار بعض الأصناف منها.
فليس كما وجدت السببية والمسببية مثلا يجوز استعمال لفظ السبب في المسبب أو بالعكس، فإن لفظ (الأب) مثلا لا يطلق على الابن، و لا لفظ الابن علي الأب، مع وجود نوع السببية فيهما.
وإن كان المراد عدم اطراد الاستعمال بالنسبة إلى الصنف المرخص فيه - أعني الموارد التي كانت العلاقة فيها من أظهر خواص المعنى الحقيقي، كالشجاعة مثلا للأسد - فالمجاز أيضا مطرد مثل الحقيقة لصحة الاستعمال في كل مورد وجد فيه هذا الصنف من العلاقة (انتهى).
وقال شيخنا الأستاذ في الكفاية ما حاصله: إن جعله علامة للمجاز لعله بملاحظة نوع العلائق، وإلا فبملاحظة خصوص ما يصح معه الاستعمال، فالمجاز أيضا مطرد كالحقيقة (انتهى).
دفع إشكال صاحبي القوانين والكفاية:
أقول: الظاهر صحة جعل الاطراد وعدمه علامتين بتقريب لا يرد عليه ما ذكره المحقق القمي وصاحب الكفاية، بيان ذلك: انك قد عرفت في الأمر الثالث أن اللفظ في الاستعمالات المجازية أيضا لا يستعمل إلا فيما وضع له، غاية الأمر أنه في الاستعمالات الحقيقية يكون المراد الجدي عين الموضوع له حقيقة، وفي الاستعمالات المجازية يكون عينه أو من أفراده ادعاء وتنزيلا.
وملاحة جميع المجازات ولطافتها مستندة إلى هذا الادعاء (فأسد) في قولك (رأيت أسدا يرمي) لم يستعمل إلا في الحيوان المفترس، غاية الأمر أنه توسط في البين ادعاء كون زيد الشجاع من أفراده، فهذه القضية تنحل إلى قضيتين يحتاج الاخبار في كل منهما إلى جهة محسنة: مفاد إحدى القضيتين تعلق الرؤية برجل يرمي، ومفاد الأخرى كون هذا الرجل بالغا في الشجاعة حدا يصحح جعله من أفراد الأسد، واستعمال لفظ الأسد فيه. وملاك الحسن في الاخبار الأول ما هو الملاك في قولك (رأيت رجلا يرمي) وهو كون المقام مقام هذا الاخبار بأن يفيد فائدة الخبر أو لازمها. وملاك الحسن في الاخبار الثاني أمران:
الأول: حسن هذا الادعاء ذاتا، بأن يكون بين الموضوع له، والمراد الجدي كمال المناسبة بحيث يحسن ادعاء كون المراد الجدي عين الموضوع له أو من أفراده، وإن شئت فسم ذلك بمصحح الادعاء.
الثاني: كون المقام مقام هذا الادعاء، فإنه ربما يوجد كمال المناسبة و العلاقة بينهما، بحيث