اصطكاك مع الأخرى، فمورد البحث هو الامكان لا الوقوع، ولا يعتبر الملاك في الامكان بل يعتبر في الوقوع من الحكيم وفي ثمرة المسألة، بمعنى أن المولى الحكيم لا يصدر عنه ولا يقع منه البعث و الزجر المتعلقان بالحيثيتين المتصادقتين إلا إذا كانتا واجدتين للملاك حتى في مورد التصادق، وحصول الثمرة بين القول بالجواز و القول بالامتناع أيضا إنما هو فيما إذا كان مورد التصادق واجدا للملاكين، فتدبر. هذا وكان الأنسب جعل المقدمة الثامنة والتاسعة و العاشرة من تنبيهات المسألة لارتباطها بثمرة المسألة، وسنشير إليها في آخر المبحث.
ذكر مقدمات أربع للقول بالامتناع ونقدها:
ثم إنه لما استدل القائلون بالامتناع بأن تعلق الأمر والنهي بما يكون مصداقا للحيثيتين يوجب اجتماع الضدين، وأجاب عنه المجوزون تارة بأن المجمع له حيثيتان تعلق بإحداهما الامر وبالأخرى النهي، فلم يجتمع الضدان، وأخرى بأن هذا الاستدلال يتم بناء على أصالة الوجود، وأما بناء على أصالة الماهية فلا يتم، إذ الوجود في المجمع و إن كان واحدا، ولكن المتعلق للامر والنهي - أعني الماهيتين - مختلفان، صار المحقق الخراساني بصدد تشييد أركان الامتناع بنحو لا يرد عليه إشكال، ومهد لبيان مرامه أربع مقدمات، ذكر في الأولى مسألة تضاد الاحكام بعد وصولها إلى مرتبة الفعلية، وجعله من الواضحات. وفي الثانية أن متعلق الحكم عبارة عن فعل المكلف و ما يصدر عنه في الخارج أعني المعنونات لا العناوين والأسماء وفي الثالثة أن تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون، كما أن مفاهيم الصفات الجلالية والجمالية تصدق على ذات الباري (تعالى) مع انحفاظ وحدته وبساطته، وكأن ما ذكره في هذه المقدمة إنما هو لدفع ما يمكن أن يقال: إن المجمع باعتبار كونه ذا عنوانين يكون متحيثا بحيثيتين انضماميتين تقييديتين إحداهما متعلق للامر والأخرى للنهي، فلا يلزم اجتماع الضدين، فدفعه هو (قده) بأن تعدد العنوان لا يوجب كون المعنون متحيثا بحيثيتين انضماميتين.
وذكر في المقدمة الرابعة أن الوجود الواحد لا يتصور له ماهيتان مستقلتان، بل الواحد وجودا واحد ماهية، وإن كانت العناوين الصادقة عليه لا تعد ولا تحصى كثرة. ثم استنتج من هذه المقدمات امتناع الاجتماع، بدعوى أن المجمع حيث كان واحدا بحسب الماهية و الوجود كان تعلق الأمر والنهي به معا محالا للزوم اجتماع الضدين في موضوع واحد ولو كان تعلقهما به بعنوانين، لما عرفت من أن فعل المكلف بحقيقته متعلق للحكم لا بعنوانه واسمه (انتهى كلامه).