الامكان أيضا، وما قيل: من أن أدل الأشياء على إمكان الشئ وقوعه فإنما يصح فيما إذا ثبت الوقوع بالقطع فإنه يستلزم القطع بالامكان، ووقوع التعبد بالامارات انما استظهر من الظواهر وليس مما قطع به فلا يستفاد إمكان التعبد من أدلة وقوعه كما لا يخفى.
رد أدلة القول بالامتناع:
ثم إنه استدل للامتناع في باب الخبر بوجهين:
الأول:
انه لو جاز التعبد بالخبر في الاخبار عن النبي صلى الله عليه وآله أو الأئمة عليهم السلام لجاز التعبد به في الاخبار عن الله تعالى و التالي باطل إجماعا.
وفيه نظر: إذ المبحوث عنه في المقام ليس عبارة عن جواز عمل المكلف بصرف اخبار المخبر من غير دليل أو عدم جوازه، بل المبحوث عنه هو انه هل يمكن ان يأمر الشارع بالعمل بما أخبر به المخبر و التصديق لقوله أو يستحيل وما قام الاجماع على بطلانه هو الأول بل يكون بطلانه من البديهيات والفطريات، وليس المورد محلا للاجماع سواء كان الاخبار عن الله أو عن غيره، في الفروع أو الأصول، فان الفطرة الانسانية تحكم بان صرف الادعاء ليس دليلا على الصدق بل المتابعة انما تكون بعد مطالبة الآية أو الدليل.
وبالجملة، فما هو الفاسد بالبداهة انما هو متابعة المدعى والاخذ باخباره من غير دليل وآية، واما ما هو المبحوث عنه في المقام أعني إمكان ان يأمر الله بأخذ قول المدعى والمخبر ووجوب تصديقه فليس فاسدا عقلا ولا مجمعا على فساده ولو في الاخبار عن الله لجواز ان يأمر الله بوجوب تصديق من يخبر عنه، غاية الأمر عدم وقوع ذلك، والنزاع ليس في الوقوع وعدمه بل في الامكان والاستحالة.
وبالجملة، فالتالي في الاستدلال، ليس جواز عمل المكلف بل إمكان ان يعبده الله بذلك وليس هذا باطلا بل الباطل هو الأول.
ثم إن ظاهر كلمات المستدلين بهذا الاستدلال، ان مرادهم بالاخبار عن الله في التالي هو الاخبار عنه بنحو التنبي بان يخبر أحد عنه تعالى بأنه أرسله على عباده، والمحقق الخراساني حمل ذلك على مطلق الاخبار، فأجاب عن الاستدلال، بأنا لا نسلم امتناع ان يعبد الله عباده بوجوب الاخذ والتصديق لما أخبر به سلمان - مثلا - عن الله تعالى، والامر سهل وإن كان الظاهر من كلام القوم هو خصوص التنبي وحينئذ يرد عليه ان التعبد وإن كان بمكان من