الفصل السادس:
هل الخطابات الشفاهية تشمل المعدومين أو لا؟
هل الخطابات الشفاهية تشمل الغائبين والمعدومين في حال الخطاب أو لا؟ فيه كلام بين الاعلام.
قال في الكفاية ما حاصله بتوضيح منا: إن محل النزاع يمكن أن يكون أحد الأمور الثلاثة.
الأول: أن التكليف الذي يتضمنه الخطاب يصح تعلقه بالمعدومين أم لا؟ فالنزاع حقيقة في صحة تكليف المعدوم.
الثاني: أن الخطاب بما هو خطاب، أعني به توجيه الكلام نحو الغير سواء كان بأدواته أم لا، هل يصح أن يتوجه إلى المعدومين أو لا؟.
الثالث: أن الألفاظ الواقعة عقيب أدوات الخطاب تشمل بعمومها المعدومين أو تصير الأدوات قرينة على اختصاصها بالحاضرين في مجلس التخاطب؟ والنزاع على الأولين عقلي وعلى الثالث لغوي.
إذا عرفت هذا فنقول: أما المسألة الأولى فتتصور على وجوه ثلاثة:
الأول: تكليف المعدوم بمعنى بعثه وزجره فعلا حين كونه معدوما، و هذا محال بلا إشكال. الثاني: إنشاء الطلب منه بلا بعث وزجر فعلا، و هذا القسم لا استحالة فيه أصلا، فإن الانشاء خفيف المئونة، فالحكيم ينشئ على وفق المصلحة طلب شي قانونا من الموجود و المعدوم حين الخطاب ليصير فعليا، بعد ما وجد الشرائط وفقد الموانع. الثالث: إنشاء الطلب مقيدا بوجود المكلف ووجدانه للشرائط، وإمكان هذا القسم أيضا بمكان من الامكان (انتهى ما أردنا نقله من كلامه).
أقول: الظاهر أن نظر الباحثين في المسألة والمتنازعين فيها لم يكن إلى الأمر الأول، فإن عموم التكاليف الشرعية وشمولها إجمالا للمعدومين كان مفروغا منه بين الفريقين، غاية الأمر أن