وبالجملة، فظاهر كلام الشيخ في المقدمة كون ترجيح المرجوح من القبائح العقلية المستقلة بحيث يكون حكمه فيه بالقبح في قبال حكمه بوجوب الإطاعة والامتثال فيكون نظير حكمه بقبح الظلم، ولكنه كما ترى.
الفائدة الثالثة: نقد كلام الشيخ وصاحب الكفاية قد ظهر بما ذكرنا، الاشكال على المقدمة الأخيرة وكذا على ما أضافها في الكفاية.
وهنا إشكال اخر أيضا، وهو: ان ضم المشكوكات والموهومات إلى الوقائع المظنونة من قبيل وضع الحجر بجنب الانسان فان أطراف العلم من أول الأمر خصوص الوقائع المظنونة مما قام عليه الخبر أو الشهرة أو غيرهما من الامارات فلو فرض عدم دليل على حجيتها بالخصوص. كما هو المفروض كان اللازم رعاية الاحتياط فيها من أول الأمر، وليس الاخذ بالمظنونات من باب تبعيض الاحتياط بل هو احتياط تام بالنسبة إلى ما علم به إجمالا.
وبالجملة، فوجود الوقائع المشكوكة والموهومة وعدمها سيان في تحقق العلم فان أطرافه خصوص المظنونات فالشك في غيرها شك بدوي يرجع فيه إلى البراءة.
وان شئت قلت: ان العلم الاجمالي الكبير بوجود التكاليف بين المظنونات وغيرها ينحل بالعلم الاجمالي الصغير بوجود التكاليف في الوقائع المظنونة أعني ما قامت الامارات على طبقها إذ قبل المراجعة إلى الأدلة يمكن ان يحصل علم إجمالي كبير عمياء، ولكنه بعد المراجعة إليها خصوصا إلى الأخبار الكثيرة يحصل علم إجمالي بوجود تكاليف واقعية في خصوص المظنونات وليس المعلوم بالعلم الأول أكثر من الثاني فينحل الأول.
وبهذا البيان، يظهر ورود الاشكال على المقدمة التي ذكرها الشيخ أعني انسداد باب العلم والعلمي، فإنه وان سلم انسداد بابهما لعدم حجية الامارات بالخصوص ولكنه لا يفيد في إثبات الاحتياط التام حتى في المشكوكات والموهومات فلا تصل النوبة إلى المقدمات التي بعدها حتى تنتج حجية الظن.
والحاصل، ان تخريب بنيان دليل الانسداد لا يتوقف على إثبات الانفتاح بإثبات حجية الامارات بل ينهدم أساسه ولو لم تثبت حجيتها بالخصوص.
الفائدة الرابعة: نقد كلام الشيخ قد عرفت إبطال الشيخ للمقدمة الثانية بوجوه: