العلم بظهورها في توسعة المأمور به بالنسبة إلى الشاك، والحكم بحكومتها على الأدلة الواقعية المحددة للاجزاء والشرائط. ولازم ذلك سقوط الجز أو الشرط الواقعي عن جزئيته أو شرطيته بالنسبة إلى هذا الشاك، وإن كان لولاها لوجب الحكم بانحفاظ الواقع على ما هو عليه، ولزم إحراز الاجزاء والشرائط الواقعية، بعد تنجز التكليف الصلاتي مثلا.
وحيث ظهر لك أن المتبادر من أدلة حجية الامارات والأصول الحاكمة بوجوب ترتيب آثار الواقع على المشكوك فيه، هو إجزاء ما يؤتى به على طبق الوظيفة الظاهرية، وكون الجز أو الشرط أعم من الواقع و الظاهر، فيجب الدقة في أن الاخذ بظواهر هذه الأدلة هل يلزم منه محذور عقلي أو لا؟، والظاهر تسالم الفقهاء إلى زمن الشيخ (قده) على ثبوت الاجزاء، وانما وقع الخلاف فيه من زمنه، حتى أن بعضهم قد أفرط، فادعى استحالته والظاهر عدم لزوم محذور عقلي و لا شرعي من القول به فيجب الاخذ بما تقتضيه ظواهر الأدلة.
إشكالات المحقق النائيني على الحكومة في المقام:
قد استشكل بعض أعاظم العصر على ما اختاره المحقق الخراساني من الاجزاء في الأصول دون الامارات بوجوه، لا بأس بذكر حاصلها و الإشارة إلى ما فيها:
الأول:
أن الحكومة - عند هذا القائل - لا بد من أن تكون بمثل كلمة (أعني) و أشباهها، ولذا أنكر حكومة مثل أدلة الضرر على الاحكام الأولية.
وبعبارة أخرى يعتبر في الحكومة - عند هذا القائل - كون الدليل الحاكم بلسانه ناظرا إلى الدليل المحكوم ومفسرا له ولا يكفي فيها نظر مدلول الحاكم إلى مدلول المحكوم.
وفيه: أن هذه مناقشة لفظية، فإن مثل قوله: (كل شي نظيف) ناظر إلى الأحكام الواقعية، ويكون موسعا لدائرة متعلقاتها، سواء أطلق على هذا المعنى لفظ الحكومة أم لا.
الثاني:
أن مثل قوله (كل شي نظيف) متكفل لاثبات النظافة الظاهرية، وأما كون الشرط للصلاة مثلا هو الأعم من النظافة الواقعية و الظاهرية، حتى يكون إتيانها مع النظافة الظاهرية أيضا موجبا للاجزاء، فلا دليل عليه.
وفيه ما عرفت: من أن نفس دليل الحكم الظاهري الذي يجوز للمكلف إتيان الصلاة مثلا مع الطهارة الظاهرية، ظاهر أيضا في أن عمله بعد تحققه يصير منطبقا للعنوان المأمور به، أعني الصلاة، وأنه قد أدى وظيفته الصلاتية، بعد إتيانها فيما حكم الشارع بطهارته، ولازم ذلك كون