لا بد من أن يكون أمرا موجودا، ولكن لا بالوجود الخارجي، وإلا لزم طلب الحاصل، بل بالوجود الذهني.
وبعبارة أخرى: متعلق الطلب يشتمل على واجدية وفاقدية: واجدية للتحصل الذهني وفاقدية للتحصل الخارجي، فطلب المولى يتعلق بأمر موجود في الذهن، ولكن لا بقيد وجوده فيه، إذ الطلب إنما يكون بداعي إيجاده في الخارج، والمقيد بالوجود الذهني يستحيل أن يوجد في الخارج، بل المتعلق للطلب نفس الحقيقة الموجودة في الذهن، بحيث يكون وجودها فيه مغفولا عنه. ثم إن النظر إلى هذه الطبيعة ليس بلحاظها من حيث هي هي، بل من حيث كونها مرآتا للحاظ وجوداتها الخارجية، ولكن بما هي وجودات لها لا بما هي مشخصات بالعوارض المشخصة والحيثيات المفردة، بداهة تباين تلك الحيثيات لحيثية أصل الطبيعة الملحوظة في الذهن، والشي لا يحكي ما يباينه بالضرورة.
فتلخص مما ذكرنا: أن متعلق الطلب هو الطبيعة التي توجد في الذهن، بما هي حاكية ومرآة للحيثية الخارجية التي هي ملاك صدق الطبيعة، بل هي عين تلك الحيثية الخارجية، إذ الفرض أن وجودها الذهني مغفول عنه، وليست هي بما أنها موجودة في الذهن متعلقة للطلب، وإذا كان المتعلق للطلب عبارة عن نفس حيثية الطبيعة فلا مجال للقول بكون الحيثيات المفردة أيضا دخيلة في المطلوب، و على هذا فما يوجده المكلف إنما يقع مصداقا للامتثال لا بجميع خصوصياته وتشخصاته، بل بحيثيته التي هي ملاك كونه منطبقا لعنوان الطبيعة الواقعة تحت الامر، وسائر الحيثيات من قبيل الحجر الموضوع بجنب الانسان، فتدبر.
بيان المحقق الخراساني ونقده:
إن المحقق الخراساني قال في الكفاية ما حاصله بتقريب منا: إن الامر عبارة عن طلب الوجود، وهذا الوجود مضاف إلى نفس الطبيعة، فالامر يتعلق بنفس الطبيعة ومفاده طلب وجودها، فما هو المتعلق للطلب ليس عبارة عن نفس الطبيعة، بل هو عبارة عن وجودها، و ذلك لما تقرر في محله من أن الطبيعة من حيث هي ليست إلا هي، و لا تستحق لان يحمل عليها شي إلا ذاتها وذاتياتها، فهي في رتبة الذات وبالنظر إلى ذاتها لا موجودة ولا معدومة، لا مطلوبة ولا غير مطلوبة، حتى قالوا: بجواز ارتفاع النقيضين في رتبة الذات. و بالجملة: هي في مرتبة ذاتها لا يتعلق بها الطلب، إذ لا تستحق في هذه المرتبة لان تحمل عليها المطلوبية، كما لا تستحق