تداخل الأسباب والمسببات إذا تعدد الشرط واتحد الجزاء كقوله: (إذا بلت فتوضأ)، وقوله أيضا:
(إذا نمت فتوضأ) [1] فهل يتداخل السببان: بمعنى أنهما عند اجتماعهما يستعقبان وجوبا واحدا متعلقا بطبيعة الوضوء، أو لا يتداخلان، بل يستعقب كل منهما وجوبا مستقلا، وعلى الثاني فهل يتداخلان المسببان أعني الوجوبين في مقام الامتثال، بمعنى كفاية الاتيان بالطبيعة مرة واحدة لامتثالهما، أو لا يتداخلان؟ وهذا ما اشتهر بينهم من أن الأصل تداخل الأسباب أو المسببات أو عدم التداخل، ومرادهم بالأصل ما تقتضيه القاعدة لولا ظهور الخلاف، فاختار جماعة، منهم المحقق الخوانساري التداخل، واختار المشهور عدمه، وفصل الحلي بين اتحاد جنس الشرط وتعدده.
وليعلم أن المسألة غير مبتنية على دلالة القضية على المفهوم و عدمها، فإن النزاع هنا إنما هو في تداخل المنطوقين، وهذا بخلاف المسألة السابقة فإنها كانت مبتنية على ثبوت المفهوم، ولا ربط لإحدى المسألتين بالأخرى، فتفريع شيخنا الأستاذ صاحب الكفاية النزاع في هذه المسألة على عدم اختيار الوجه الثالث في المسألة السابقة في غير محله. [2] الاستدلال لعدم تداخل الأسباب:
وكيف كان فنقول: استدل العلامة في المختلف على عدم التداخل بأنه إن توارد السببان أو تعاقبا فإما أن يؤثرا في مسببين، أو في مسبب واحد، أو لا يؤثران أصلا، أو يؤثر أحدهما دون الاخر، والثلاثة الأخيرة كلها باطلة فتعين الأول، وجه بطلانها، أن الأول منها ينافي تمامية كل من السببين، والثاني ينافي أصل السببية، والثالث ترجيح بلا مرجح (انتهى).
[1] يمكن المناقشة في المثال بان وجوب الوضوء وجوب مقدمي للصلاة وغيرها من الغايات، فلا يجب إلا وضوء واحد قطعا، وليس واجبا نفسيا عند حصول سببه ح - ع - م.
[2] لا يخفى صحة ما ذكره المحقق الخراساني من عدم المورد لهذا النزاع بعد اختيار الوجه الثالث في المسألة السابقة إذ بعد تقييد المنطوقين وإرجاع الشرطين إلى شرط واحد مركب لا يبقى مورد للبحث عن التداخل. (ثم أنه يمكن أن يقال) في الفرق بين المسألتين:
إن الأولى لفظية ينازع فيها في ثبوت المفهوم وعدمه للقضية الشرطية، والثانية عقلية، حيث يبحث فيها عن حكم توارد السببين، وإن ثبتت سببيتهما بغير اللفظ أيضا فتدبر. ح - ع - م.