وبعض مطالبه مما يعجز عن إدراكها، افهام البشر كأكثر أحوال الآخرة وكيفية موجودات الجنة والنار، فهذه المطالب مما بينها القرآن تحت الأستار بحيث يصل إليها من هو من أهلها ولعل المراد بالمتشابهات، الآيات المتضمنة لهذا السنخ من المطالب، فالتشابه امر نسبي والنهي عن المراجعة إليها انما هو بالنسبة إلى من ليس سطح فكره مناسبا لسطح مطالبها.
وبعضها أيضا مما لا يفهمه الا من خوطب به كالرموز الواقعة في أوائل السور.
ثم إن ما تعرض من الآيات لبيان الحقائق الكونية أيضا، ليست أولا وبالذات بصدد بيانها فان المقصود من إنزال القرآن، إرشاد البشرط فلا يتصدى لما لا يرتبط بالهداية والارشاد، فذكر الحقائق الكونية وآيات الآفاق والأنفس أيضا للارشاد والهداية و الاستدلال بها على وجود خالقها.
وعن الوجه الثالث: فبالمنع عن كون الظاهر، من المتشابه ومنع كون المتشابه متشابها إذ المراد به ما يوجب الاشتباه وقد عرفت ان المراد بمتشابهات القرآن الآيات الدالة على المطالب غير المسانخة لفهم العامة وليست آيات الاحكام من هذا القبيل.
وعن الوجه الرابع: فبان العلم الاجمالي انما حصل لنا بعد المراجعة إلى الاخبار والعثور فيها على التقييدات والتخصيصات وليس لنا مع قطع النظر عن الاخبار الواصلة، علم بطرو التقييد والتخصيص لعموماته ومطلقاته، والعلم الحاصل بالمراجعة إلى الاخبار ينحل بنفس المراجعة، ولو سلم حصول العلم بذلك من الخارج فبالمراجعة إلى الاخبار أيضا ينحل بنفس المراجعة، ولو سلم حصول العلم بذلك من الخارج فبالمراجعة إلى الاخبار أيضا ينحل وليس غرضنا إثبات العمل بظواهر الكتاب من دون المراجعة إلى الاخبار، بل بعد الفحص عن المقيدات والمخصصات والقرائن المتصلة والمنفصلة كما هو الشأن في العمل بالسنة النبوية وأخبار الأئمة عليهم السلام أيضا.
وعن الوجه الخامس: فبان التفسير لغة، كشف القناع ولا قناع للظاهر، ويدل على ذلك، تقييده في بعضها بالرأي فيدل على أن المنهي عنه هو التوسل في فهم مقاصد القرآن باعمال الرأي والاستنباطات الظنية، ومنه حمل ظواهرها على أمور خيالية وهمية كما يشاهد من بعض الصوفية مثل ان يقال: (وإذ قال إبراهيم) العقل (لإسماعيل) النفس ونحو ذلك.
الاستدلال بأخبار التحريف ونقده:
ثم إنه ربما يتوهم عدم حجية الكتاب من جهة وقوع التحريف فيه استنادا إلى الأخبار الكثيرة