للصدق والمحكية بلفظ المشتق دون نفس المبدأ، أما الأول فباطل بالضرورة، وقد عرفت بيانه، وأنه لا يظن بالأعمي أيضا إرادته، فتعين أن يكون مراده، الثاني، وحينئذ فنقول: إن مقتضى قول الأعمى أن لا يكون مثل (قائم) حاكيا لتحقق حيثية القيام، بل لحيثية منتزعة عن الذات بعد تلبسها بالقيام آنا ما، مع وضوح أن المتبادر منه ليس إلا من ثبت له القيام وقام به نفس المبدأ لا من ثبت له أمر اعتباري غير منفك من الذات ما دامت باقية، وهكذا حال جميع المشتقات، وهذا التبادر يثبت قول الأخصي، وينتفي سائر الأقوال فتدبر.
استعمال المشتق على ثلاثة أوجه:
الأول: أن يستعمل محمولا على الذات للدلالة على اتحاد مبدئه مع الذات بحسب الوجود الخارجي ك (زيد ضارب).
الثاني: أن يستعمل لحكاية ذات تكون موضوعا لحكم من الاحكام و الإشارة به إليها، لعدم كونها معروفة عند المخاطب إلا بهذا العنوان، من دون أن يكون له دخل في ثبوت الحكم، كما تقول: الواقف بباب الدار أكرمني.
الثالث: أن يستعمل موضوعا لحكم من الاحكام، بحيث يكون الحكم لنفس حيثية المشتق، ويكون عنوانه دخيلا فيه كقوله تعالى: (و السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) وكقوله: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة)، وكقوله: (فاقتلوا المشركين).
وهذا أيضا على قسمين، لأن هذه الحيثية إما أن تكون من الحيثيات التي لها بقاء وثبات، كالشرك مثلا، وإما أن لا يكون لها بقاء، بل تحدث وتنصرم من فور، فإن كان لها بقاء وثبات كان ظاهر الدليل دوران الحكم مدارها حدوثا وبقاء، كوجوب القتل المتعلق بالمشركين، حيث إن الظاهر من الدليل دوران وجوب القتل مدار الشرك حدوثا وبقاء، وإن كانت مما تحدث وتنصرم فالحكم المتعلق بها إما أن يكون بحيث يمكن له بحسب طبعه أن يكون دائرا مدارها في الحدوث والبقاء، وإما أن لا يمكن له ذلك بحسب طبعه، فعلى الأول يكون حكمها حكم الحيثيات غير