الشرعية فيرتفع موضوعها بجعل خبر العادل جائز العمل، واما إذا كان المراد بها الندامة الدنيوية الحاصلة بسبب كشف الخطأ في إصابة القوم فيشترك فيها خبر الفاسق وغيره وإن كان حجة، بل لو فرض كون المراد بها هي الأخروية أمكن ان يقال أيضا باشتراكهما فيها إذ الندامة لم تترتب في الآية أو لا على العمل بالخبر، بل على إصابة القوم بجهالة فيظهر منه ان الملاك في حصول الندامة ولو كانت أخروية، هو إصابة القوم بجهالة وهذا المعنى يشترك فيه خبر العادل وغيره.
وربما يقال في جواب أصل الاشكال بان للمفهوم حكومة على عموم التعليل، إذ العلة هي إصابة القوم بجهالة والمفهوم يدل على كون خبر العادل علما تشريعا، بمعنى ان الشارع جعله كالعلم في الكاشفية والوسطية في الاثبات فيخرج العمل به عن كونه عملا بغير العلم.
ويرد عليه: انه لو سلم ذلك ولو في الدليل الواحد، فإنما هو فيما إذا كان للحاكم لسان ناظر إلى المحكوم والمفهوم لا لسان له حتى يكون ناظرا وشارحا.
وبعبارة أخرى: يرد على ذلك أولا: ان ما ذكرت انما يتمشى فيما إذا كان المفهوم في دليل والعموم في دليل آخر واما إذا كانا في دليل واحد فلا يكون للفظ ظهور في المفهوم.
وثانيا: ان المفهوم لا لسان له حتى يكون شارحا ومفسرا.
واما ما يرى في بعض الكلمات من أن ذكر القيد مقتض للمفهوم فيؤخذ بمقتضاه ما لم يثبت المانع، ففساده أظهر من الشمس.
ولكنه لقائل ان يقول: ان تعليق الحكم على قيد خاص ثم تعليله بعلة تشمل صورة تحقق القيد وعدمه امر مستهجن عند العقلا كمال الاستهجان، حيث يلزم منه وقوع ذكر القيد لغوا وبلا جهة، فيجب ان يحمل التعليل الوارد في الآية الشريفة بحيث لا يشمل صورة فقد القيد.
وحينئذ فيمكن ان يقال، ان خبر الفاسق يحتمل فيه كل من الكذب والخطأ واما خبر العادل فلا يحتمل فيه الكذب، واحتمال الخطأ أيضا ليس مما يصرف العقلا عن العمل بالخبر حيث لا يعتنون به فيحصل لهم من خبر العادل كمال الاطمئنان والوثوق بخلاف الفاسق، فهذا هو الفارق بينهما ويوجب ذلك عدم شمول التعليل لخبر العادل أصلا، حيث لا يرى العقلا أنفسهم جاهلين بعد قيام خبر العادل الموثوق به الموجب للاطمئنان.
الاشكال على الاستدلال بمطلق الأدلة ونقده:
ثم إنه، ربما يستشكل على الاستدلال ب آية النبأ بل بمطلق الأدلة، بعدم شمولها للاخبار المشتملة على الوسائط. وتقرير هذا الاشكال بوجوه: