المبحث الخامس:
التعبدي والتوصلي لما كان هذا المبحث من المباحث المهمة كان اللازم أن يعقد له مبحث مستقل، ثم تذكر مسألة الشك في التعبدية والتوصلية، بنحو التفريع. لكن المحقق الخراساني جعل البحث عن صورة الشك مبحثا مستقلا، وعد البحث عن بيان ماهيتهما وأحوالهما من مقدماته. و كيف كان فنحن نشرع في بيان ماهيتهما وأحوالهما، فنقول:
الواجب والندب التعبديان عبارتان عما لا يحصل الغرض منهما إلا بإتيانهما بداع إلهي، وبنحو يرتبطان إلى الله تعالى متقربا بهما إليه، ولا يشترط في عبادية العبادة تعلق الامر بها من قبل المولى، فتعظيم المولى ومدحه وثناؤه إذا أتي بها بقصد التقرب إليه من العبادات، وإن لم يتعلق بها أمر، لكن لا بد من أن يكون التعظيم أو المدح أو الثناء بنحو يليق بجنابه تعالى، والكاشف عما يليق به تعالى هو الامر الصادر من قبله، ولكن بعد تعلق الامر وإحراز لياقته بجنابه تعالى لا يشترط في عبادية العمل إتيانه بداعي الامر، بل يكفي في تحققه عبادة إتيانه بداعي التعظيم ونحوه.
وأما التوصلي، فهو عبارة عما لا يحتاج في حصول الغرض منه إلى قصد الامر أو القربة، أو نحوهما من الدواعي الإلهية، بل يكفي في حصوله صرف الاتيان بالفعل بأي داع كان، بل لا يحتاج في حصوله إلى القصد والالتفات أيضا، فنفس تحققه ولو في حال النوم أو الغفلة مسقط للامر به لحصول الغرض منه.
فإن قلت: كيف يكون تحقق الفعل في حال النوم أو الغفلة امتثالا للامر التوصلي وموجبا لسقوطه، مع أن الامتثال لا يتحقق إلا بإتيان ما تعلق به الامر، وما تعلق به الامر لا بد من أن يكون أمرا اختياريا موجدا بالإرادة، لعدم جواز تعلق الامر بأمر غير إرادي؟.