فإن قلت: فرق بين ما نحن فيه، وبين مسألة الاجتماع، إذ الافراد في مسألة الاجتماع عرضية فالقدرة على بعضها تكفي في القدرة على أصل الطبيعة، وهذا بخلاف ما نحن فيه، فإن الافراد فيه طولية، ومن الواضح أن القدرة على بعضها لا تستلزم القدرة على أصل الطبيعة في الزمان الممتد المعين لها، إذ من أجزائه الزمان الأول، ونفس الطبيعة غير مقدورة في الزمان الأول، من جهة كونه ظرفا للضد الاخر المأمور به.
وبالجملة: نحن لا نقول: إن الخصوصية الفردية متعلقة للامر، بل نسلم أن متعلق الأمر هو نفس طبيعة الصلاة المقيدة بوقوعها بين الحدين، ولكن نقول: إن هذه الطبيعة المأمور بها غير مقدورة في الان الأول من جهة كونه ظرفا للضد المضيق.
قلت: المأمور به عبارة عن الصلاة بين الحدين - أعني الطبيعة الكلية - وهي مقدورة بالقدرة على واحد من أفرادها [1] وليس المأمور به هو الطبيعة المقيدة بالان الأول، حتى يقال: إنها غير مقدورة من جهة مزاحمتها بالامر المتعلق بالأهم.
وبعبارة أخرى: في الان الأول أيضا إنما يأمر المولى بإيجاد الطبيعة المقيدة بوقوعها بين الحدين، لا بالطبيعة في هذا الان، والطبيعة المقيدة بالوقوع بين الحدين مقدورة، وإن انحصر مصداقها في الواحد، من جهة كون غيره غير مقدور. وبما ذكرنا انقدح فساد ما في تقريرات بعض أعاظم العصر، حيث قال: إن الان الأول ظرف للأهم، فيجب إشغاله به وحينئذ يصير إيجاد المهم فيه غير مقدور من جهة أن الممنوع شرعا كالممتنع عقلا.
وجه الفساد: أن المولى لم يأمر بإيجاد المهم في الظرف الأول، بل أمر بإيجاده بين الحدين فلا مزاحمة في البين، هذا كله فيما يرجع إلى الوجه الثالث.
2 - تفصيل الوجه الثاني على القول بالترتب:
وأما الوجه الثاني، أعني تصحيح الامر بالمهم بنحو الترتب على عصيان الأهم، فقد صار معركة لآراء المتأخرين، وأول من نسب إليه تصحيحه المحقق الثاني (ره) وشيد بنيانه السيد السند الميرزا الشيرازي (ره)، وبالغ في تشييده وتوضيحه تلامذته وتلامذة تلامذته، سوى المحقق [1] وببيان أكثر اختصارا: الامر قد تعلق بنفس الطبيعة الجامعة، و الجامع بين المقدور وغير المقدور مقدور، لامكان إيجاده في الفرد المقدور. ح - ع - م.