الأمر التاسع: الصحيح والأعم لا يخفى أن الصحة - لغة بمعنى التمامية، ويقابلها الفساد نحو تقابل العدم والملكة. ويعبر عنهما بالفارسية (درست ونادرست). ولا توصف بهما العناوين والمفاهيم بما هي هي، إذ لا معنى لفساد المفهوم في عالم المفهومية. فإن كل مفهوم وعنوان هو هو، ويحمل على نفسه بالحمل الأولي. واتصافه بالفساد وعدم التمامية إنما هو بأن لا يكون هذا العنوان هذا العنوان، وهو يساوق سلب الشئ عن نفسه.
ولا توصف بهما الوجودات الخارجية أيضا بلحاظ ذواتها، التي هي من سنخ الوجود. وإنما تتصف بهما الموجودات بالقياس إلى العناوين الخاصة، المترقب انطباقها عليها. فالموجود الخارجي من أفراد الدواء أو الثمرة مثلا ربما يتصف بالصحة، وربما يتصف بالفساد. ولكنه لا بلحاظ هذا الوجود بما أنه وجود خارجي، بل بالقياس إلى العنوان الذي يترقب انطباقه عليه، لتترتب عليه آثار هذا العنوان، فان وجد بنحو ينطبق عليه هذا العنوان ويترتب عليه أثره اتصف هذا الموجود بالصحة، وإن وجد بنحو لا ينطبق عليه اتصف بالفساد.
وكذلك العمل الخارجي الصادر عن المكلف بترقب كونه مصداقا للصلاة أو الحج أو نحوهما قد يتصف بالصحة وقد يتصف بالفساد، لكن لا بما أنه وجود خاص، ولا بلحاظ عنوان الحركة مثلا، فإنه بلحاظ هذا العنوان تام، حيث ينطبق عليه عنوان الحركة ويترتب عليه أثرها. بل بلحاظ عنوان الصلاة المترقب انطباقها عليه، فإن كان بنحو ينطبق عليه العنوان المترقب اتصف هذا الوجود بالصحة وإلا اتصف بالفساد.
فالصحة عبارة عن كون الموجود (الذي وجد بداعي انطباق عنوان خاص عليه)، بحيث ينطبق عليه هذا العنوان المترقب ويترتب عليه أثره. والفساد عبارة عن كونه بحيث لا ينطبق عليه