لا طلب لنا يكون من صفات النفس في قبال الإرادة.
هل الطلب يغاير الإرادة؟:
إن العالم المحقق الشيخ محمد تقي الاصفهاني صاحب الحاشية لما صادف عنوان اتحاد الطلب والإرادة، ولم يتتبع حتى يظهر له ما هو مطرح النزاع بين الفريقين، وكان المتبادر إلى ذهنه من لفظ الطلب، الطلب الانشائي، ومن لفظ الإرادة الصفة النفسانية الخاصة، حكم بتغاير الطلب والإرادة، وتخيل أنه وافق في هذه المسألة الأشاعرة، و خالف المعتزلة والامامية [1] مع وضوح أنهم لم يتنازعوا في أن الطلب الانشائي هل هو مغاير للإرادة النفسانية أو متحد معها؟ فيختار الأشعري التغاير والمعتزلي الاتحاد، إذ التغاير بينهما أظهر من الشمس وأبين من الأمس. بل نازعوا - كما عرفت - في ثبوت صفة نفسانية في قبال العلم والإرادة والكراهة، وكان نزاعهم نزاعا مذهبيا، إذ كان مقصودهم إثبات أن القرآن الذي هو كلام الله حادث أو قديم.
فما فهمه هذا المحقق من عنوان اتحاد الطلب والإرادة وتخيل أنه مطرح أنظار الأشاعرة والعدلية بعيد عن الصواب، ويكون ناشئا من عدم تتبع تاريخ المسألة وما هو محط نظر المتنازعين فيها.
ثم إن لشيخنا الأستاذ المحقق الخراساني هنا بيانا طويلا في الكفاية زعمه إصلاحا بين الأشاعرة والعدلية مع فساد ما ذكره أولا، و عدم ارتباطه بما هو محط نظر المتنازعين ثانيا. وهو (ره) وإن كان قد يقرب في ضمن بيانه إلى ما هو محط نظر المتنازعين خصوصا عند قوله: (فان الانسان لا يجد غير الإرادة القائمة بالنفس صفة أخرى قائمة بها يكون هو الطلب غيرها) إلا أن ملاحظة مجموع كلامه من الصدر إلى الذيل توجب الاطمئنان بعدم كون مطرح النزاع معلوما له خصوصا بعد إرادته الاصلاح بين الطرفين بما ذكره تحقيقا للمطلب.
[1] أقول: قال حفيده المرحوم آية الله الحاج الشيخ محمد رضا الاصفهاني طاب ثراه في (الوقاية) ما هذا لفظه:
والعلامة الجد لم يخالف العدلية في ذلك، ولم يجنح إلى قول الأشاعرة قط. بل هو من ألد أعداء هذه المقالة وأشد من خاصمهم. و قد قال في بحث مقدمة الواجب (بعد ما بين مذهب العدلية من أن حقيقة الطلب عندهم هي الإرادة المتعلقة بفعل الشئ أو تركه) ما نصه: وقد خالف في ذلك الأشاعرة فزعموا أن الطلب أمر آخر وراء الإرادة و جعلوه من أقسام الكلام النفسي المغاير عندهم للإرادة والكراهة. و قد عرفت أن ما ذكروه أمر فاسد غير معقول مبني على فاسد آخر أعني الكلام النفسي (انتهى) فلينظر المنصف (إلى آخر ما في الوقاية فراجع). ح - ع - م