الأمر الثالث:
تقسيمات الواجب 1 - الواجب المطلق والمشروط:
إن الواجب إما مطلق أو مشروط وقد عرفا بتعاريف لا يهمنا ذكرها و النقض والابرام فيها، والأحسن ما ذكره شيخنا الأستاذ في الكفاية، وتوضيحه: أن وصفي الاطلاق والاشتراط وصفان إضافيان، فلا يتواردان على موضوع واحد من جهة واحدة فإنه مقتضى تقابل المتضايفين، ولكن يجوز صدقهما معا على موضوع واحد بجهتين.
وعلى هذا فكل واجب إذا لوحظ بالإضافة إلى شي آخر فإما أن يكون وجوبه مشروطا بوجود ذلك الشئ، بحيث يتوقف وجوبه على وجوده، وإما أن لا يكون كذلك بأن لا يكون لوجود ذلك الشئ دخل في وجوبه وإن كان دخيلا في وجوده، فعلى الأول يكون الواجب بالإضافة إلى هذا الشئ مشروطا، وإن كان بالإضافة إلى شي آخر مطلقا.
وعلى الثاني يكون الواجب بالإضافة إلى هذا الشئ مطلقا وإن كان بالإضافة إلى شي آخر مشروطا، فكل واجب مشروط بالنسبة إلى بعض الأشياء ولا أقل من الشرائط العامة، ومطلق بالنسبة إلى أشياء أخر، فالاطلاق والاشتراط، نظير الأبوة والبنوة لا يجتمعان في شي واحد من جهة واحدة، ولكن يجتمعان من جهتين.
واعلم: أن الشرط في الواجب المشروط يمكن أن يكون من المقدمات الوجودية للواجب أيضا كالقدرة، ويمكن أن لا يكون منها، كالاستطاعة الشرعية في الحج.
وأما ما تراه في كلام بعضهم من تعريف الواجب المشروط بما يتوقف وجوبه على ما يتوقف عليه وجوده فليس مرادهم من ذلك حصر مقدمة الوجوب في المقدمات الوجودية، بل لما كان محط كلامهم مسألة وجوب المقدمة - ولا محالة يكون هذا البحث في المقدمات