الثاني: عدم الاحتياج إلى العلم الاجمالي بل لو احتمل وجود تكاليف واقعية في ضمن المحتملات وعلم بأنها على فرض تحققها، تكاليف فعلية يهتم بها الشارع بحيث لا يرضى بمخالفتها، صار نفس هذا الاحتمال منجزا لها ووجب الاحتياط كما ذكروه في باب الفروج و الدماء والأموال، إذ العقل لا يرى العقاب مع هذا الاحتمال المنضم إلى العلم بالاهتمام عقابا بلا بيان بل هذا السنخ من الاحتمال بنفسه بيان.
الفائدة الثانية: وظيفة المكلف في قبال التكاليف الإلهية قد مر منا في مبحث القطع انه إذا علم العبد بوجود تكليف فعلى وأصل مرتبة البعث والزجر من قبل المولى بحيث أراد انبعاثه و انزجاره من قبله وتردد متعلقه بين أمرين أو أمور، فان تمكن من الاحتياط التام وجب عليه عقلا، ولو لم يحتط واتفق مخالفة التكليف الواقعي عوقب على مخالفة نفس الواقع، وان لم يتمكن منه وجب عليه التصدي لامتثاله بمقدار التمكن ولزمت عليه رعاية ما هو الأقرب إلى الواقع، فلو كان بعض الأطراف مظنونا وبعضها غير مظنون وجبت عليه عقلا رعاية المظنون، بمعنى انه لو راعى جانبه واتفق مخالفة الواقع بسبب كونه في غير المظنون لم يستحق العقوبة وكان معذورا عقلا فإنه بذل غاية جهده في تحصيل مراد المولى.
ولو راعى جانب غيره واتفق كون الواقع في المظنون، استحق العقوبة على ترك نفس الواقع فإنه لم يبذل جهده في طريق الموافقة.
وفي حكم العذر العقلي، العذر الشرعي، كما إذا قال المولى مثلا: اجتهد في تحصيل مراداتي بمقدار لا يستعقب العسر والحرج فطريقة الامتثال عند العقل في هذه الصورة أيضا التبعيض في الاحتياط ورعاية جانب المظنونات.
فإن كان مراد الشيخ وغيره من قبح ترجيح المرجوح، هو ما ذكرنا من حكم العقل بلزوم رعاية الأقرب إلى الواقع احتمالا ومحتملا، فهو صحيح، وإن كان مرادهم ان قبح ترجيح المرجوح من الأحكام العقلية التي له ملاك عنده كقبح الظلم ونحوه ويستعقب الحكم الشرعي لا محالة أيضا، فليس بصحيح فان لزوم الاخذ بالمظنون من شعب حكمه بوجوب الامتثال مهما أمكن وليس له ملاك وراء ملاك الواقع فلو لم يراع جانبه واتفق مخالفة الواقع يعاقب على نفس الواقع كما مر.
بعضها في الموهومات وبعضها في المشكوكات، وعلى هذا فلو علمنا بان واحدا من هذه التكاليف الكثيرة قد بلغ مرتبة البعث والزجر بحيث لا يرضى المولى بتركه كان الواجب علينا هو الاحتياط التام في المظنونات والمشكوكات والموهومات، فافهم ح - ع - م.