البراءة تحرير محل البحث:
قال في الكفاية ما حاصله: المقصد السابع في الأصول العملية وهي التي ينتهى إليها المجتهد بعد الفحص واليأس عن الدليل، والمهم منها أربعة فإن قاعدة الطهارة وان كانت تجري في الشبهات الحكمية إلا أنها لا تحتاج إلى بحث مضافا إلى اختصاصها ببعض الأبواب.
انتهى.
أقول: حيث إنه (قده) جعل تمايز العلوم بتمايز الاغراض جعل امتياز مسائل الأصول عن غيرها بكونها واقعة في طريق استنباط الأحكام الشرعية ، أو مما ينتهى إليها المجتهد في مقام العمل، وقد حققنا في محله، ان تمايز العلوم بتمايز الموضوعات ونقحنا موضوع علم الأصول فراجع. واما ما ذكره بالنسبة إلى قاعدة الطهارة فكنا نحن نستشكل عليه بان الطهارة ليست من الأحكام الشرعية المحضة بل هي امر واقعي كشف عنها الشارع فلا يستنبط من قاعدة الطهارة حكم شرعي كلي وكان (قده) يجيب بأنها وان فرضت من الأمور الواقعية ولكن طريق كشفها ينحصر في بيان الشارع فأشبهت بذلك الأحكام الشرعية.
ثم قال في الكفاية في تنقيح مجرى البراءة وتعيين مورد البحث فيها ما هذا لفظه: (لو شك في وجوب شي أو حرمته ولم تنهض عليه حجة جاز شرعا وعقلا ترك الأول وفعل الثاني، وكان مأمونا من عقوبة مخالفته - كان عدم نهوض الحجة لأجل فقدان النص أو إجماله واحتماله الكراهة أو الاستحباب أو تعارضه -) إلخ. انتهى.
أقول: قوله: (جاز شرعا وعقلا) يحتمل فيه أمور:
الأول: ان يكون المراد به ثبوت حكم ظاهري بالجواز والإباحة في مورد الشك، بالشرع والعقل بان يحكم كل منهما بثبوت الرخصة ظاهرا، أو بان تدل على ثبوته شرعا الأدلة الشرعية والعقلية فيكون مفاده مغايرا لمفاد قوله: (وكان مأمونا) إلخ.