وفيه: أن الحكم الظاهري إنما يثبت مع انحفاظ الشك وأما بعد زواله فينقلب الموضوع، فالملاقي أيضا يحكم بطهارته ما دام الشك، و أما بعد زواله فيحكم بنجاسة كل من الملاقي والملاقي.
الرابع:
أنه لا وجه لتخصيص الاجزاء بالأصول، بل يجري على فرض تسليمه في الامارات الواردة في باب الاجزاء والشرائط والموانع أيضا، بل الامارة أولى بذلك من الأصل، فإن المجعول في الامارات إنما هو نفس صفة الاحراز وكون الامارة علما تعبديا، وأما الأصول فالمجعول فيها هو الجري العملي، وترتيب آثار إحراز الواقع في ظرف الشك.
أقول: مراد المحقق الخراساني هو أن مثل قوله: (كل شي نظيف) جعل للطهارة، وبمقتضاه يوسع دائرة الاشتراط، فالعمل - وإن انكشف الخلاف - قد وجد واجدا لشرائطه، فيجزي، وأما الامارة فلا تحكي إلا الواقع، من دون أن يكون في البين جعل لمؤداها، فإذا حكت الطهارة، ثم انكشف الخلاف ينكشف عدم الطهارة واقعا، و المفروض عدم جعلها ظاهرا أيضا، فلا مجال للاجزاء. وعلى هذا فكلام بعض الأعاظم لا يغني عن جوع، ولا يثبت به كون الامارة كالأصل فضلا عن الأولوية.
نقد بيان المحقق الخراساني في المقام:
نعم، أصل الاشكال وارد على المحقق الخراساني، ولذا عممنا البحث، فإن الدليل الحاكم بوجوب الاخذ بخبر الثقة الذي قام على عدم جزئية شي أو شرطيته للصلاة، أو قام على تحقق الجز أو الشرط، يتبادر من هذا الدليل أن المكلف إذا اقتصر في امتثال الامر الصلاتي على ما اقتضاه ودل عليه خبر الثقة فقد عمل بوظيفته، وصار عمله منطبقا للعنوان المأمور به، وخرج بذلك من كونه تاركا للصلاة، و لازم ذلك هو الاجزاء.
عن جريانها في الملاقى (بالفتح) وذلك لبداهة أن حلية الملاقي (بالكسر) أو طهارته ليست أثرا شرعيا لحلية الملاقى (بالفتح) أو طهارته وفي الأصل السببي والمسببي يعتبر ترتب الاثرين لا الشكين فقط، فإن تقدم الأصل السببي على المسببي إنما يكون من جهة أن جريانه في السبب يوجب تحقق ما هو الموضوع للأثر في طرف المسبب، فيعتبر في ذلك كون المستصحب مثلا في طرف المسبب من الأحكام الشرعية للمستصحب في طرف السبب، كما إذا غسل المتنجس بالماء المستصحب الطهارة، فإن هذا الاستصحاب يرفع الشك عن ناحية المسبب قهرا. ح - ع - م.