العبودية ومضيعا لحقوق المولوية ولم يعد طاغيا على المولى وليس للمولى عتابه وعقابه محتجا عليه بأنك ضيعت حقوقي عليك وهذا من غير فرق بين صورة عدم البيان واقعا وبين صورة وجوده مع عدم ظفر العبد به بعد إعمال قدرته في الفحص عنه، فإن البيان بوجوده الواقعي لا يصلح للاحتجاج به فوجوده حينئذ كعدمه، فلو فرضنا عبدين احتمل كل منهما تكليفا فأنهيا قدرتهما في الفحص عنه و لم يعثرا عليه واتفق عدمه واقعا بالنسبة إلى أحدهما وثبوته بالنسبة إلى الاخر، فهل يحسن للمولى عقاب الثاني محتجا بالبيان الواقعي غير الواصل أو لا يحسن له ذلك؟ بل يكون العبدان بنظر العقل والعقلاء متساويين لتساويهما في العمل بما تقتضيه وظيفتهما من البحث والفحص ولم يظهر من أحدهما قصور وصرف تحقق البيان الواقعي بالنسبة إلى أحدهما وعدمه بالنسبة إلى الاخر، لا يصلح لافتراقهما بعد تساويهما فيما هو من قبلهما.
وبالجملة، فصرف الاحتمال، لا يصلح للتنجيز بضرورة من العقل فإنه يحصل له الجزم بقبح العقوبة بعد تصور الموضوع أعني عدم وصول حجة من المولى أصلا وعدم كون شي في البين سوى الاحتمال بعد الفحص واليأس وهذا معنى قولهم: بقبح العقاب من دون بيان، فقبح العقاب بلا بيان هو عين المدعى وهو امر ضروري لا يحتاج إثباته إلى توسيط واسطة ولا يحسن ذكره بصورة الدليل والا لكان مصادرة والظاهر أن من ذكره بصورة الدليل أيضا لا يريد به الا دعوى الضرورة على المدعى والا فإشكال المصادرة وارد عليه.
استدلال بعض الأعاظم على قاعدة القبح في المقام:
ويظهر من بعض أعاظم العصر الاستدلال على القبح في المقام بما مر منا مفصلا من عدم تحقق الحكم الواقعي بحقيقته وروحه بالنسبة إلى الجاهل.
وتوضيحه: ان أوامر المولى ونواهيه انما تصدر عنه بداعي انبعاث العبيد وانزجارهم، وهي بوجودها الواقعي لا تصلح للباعثية و الزاجرية بل الباعثية والزاجرية مقصورة بصورة العلم بها، فالمولى ينشئ البعث والزجر ليعلم به العبد فينبعث أو ينزجر.
وبعبارة أخرى: الانبعاث أو الانزجار يتحقق بالعلم ببعث المولى وزجره فيوجد المولى البعث أو الزجر حتى يترتب عليهما علم العبد فيحصل الانبعاث والانزجار، فإرادة الانبعاث أو الانزجار التي هي روح الحكم وحقيقته مقصورة بصورة العلم بالخطاب ولا تحقق لها في صورة