فإنه يقال: الاشكال وارد لو كان ابتدأ هذا التعبير والاصطلاح من ناحية أصحابنا. ولكن قد مر ان الأصل فيه هم العامة وحيث مشينا معهم على طبق اصطلاحاتهم في علم الأصول الذي هم أسسوه وهم كانوا يذكرون الاجماع بعنوان دليل مستقل فلأجل ذلك عبر أصحابنا بالاجماع مماشاة لهم وإشارة إلى موافقتنا لهم إجمالا في أصل حجيته وان اختلفنا معهم في ملاكها. ففي الحقيقة يراد بالاجماع في كلمات الأصحاب، اتفاق جماعة يعلم بدخول المعصوم فيهم وان لم يعرف بشخصه، ولم يريدوا بذلك اتفاق جميع الفقهاء المصطلح عليه عند المتأخرين كالعلامة مثلا. وكان غرضهم من التعبير عن رأي الامام المعصوم عليه السلام بالاجماع، التحفظ والفرار عن طرح مسألة الإمامة وحجية قول المعصوم عليه السلام في كل مسألة مسألة. هذا.
وقد صرح بما ذكرنا السيدان العلمان: المرتضى وابن زهرة: ففي أوائل الانتصار بعد ادعاء حجية إجماع الإمامية قال: (وانما قلنا إجماعهم حجة، لان في إجماع الإمامية قول الإمام الذي دلت العقول على أن كل زمان لا يخلو منه وانه معصوم لا يجوز عليه الخطأ في قول ولا فعل، فمن هذا الوجه كان إجماعهم حجة ودليلا قاطعا).
وفي الذريعة (ص 630): (لان الاجماع إذا كان علة كونه حجة، كون الامام فيه، فكل جماعة - كثرت أو قلت - كان قول الإمام في جملة أقوالها، فإجماعها حجة، لان الحجة إذا كانت هو قوله، فبأي شي اقترن لا بد من كونه حجة لأجله لا لأجل الاجماع.) وفي أوائل الغنية في مبحث الاجماع قال: (فعندنا ان العلة في كونه حجة، انه يشتمل على قول المعصوم. وعندهم ان الله تعالى علم أن هذه الأمة لا تجتمع على خطأ. فان قيل: إذا كان المرجع بكون الاجماع حجة عندكم إلى قول المعصوم عليه السلام وليس للاجماع تأثير في ذلك، كان قولكم:
الاجماع حجة لغوا لا فائدة فيه. قيل: نحن لا نبدأ بالقول ان الاجماع حجة بل إذا سئلنا فقيل لنا: ما قولكم في إجماع المسلمين؟.
قلنا: هو حق وحجة من حيث كان قول المعصوم عليه السلام في إجماعهم. وهذا كما لو قيل في جماعة فيها نبي هل قول هذه الجماعة حق وحجة؟. فإنه لا بد في الجواب لنا ولكل مسؤول عن ذلك من القول بأنه حجة، وإن كان لا تأثير لقول من عدا النبي صلى الله عليه وآله في ذلك.) هذا . [1] [1] أقول: وقال المحقق (ره) في مقدمة المعتبر: (واما الاجماع فعندنا هو حجة بانضمام المعصوم عليه السلام. فلو خلا المائة من فقهائنا عن قوله عليه السلام لما كان حجة. ولو حصل في اثنين لكان قولهما حجة، لا باعتبار اتفاقهما، بل باعتبار قوله عليه السلام. فلا تغتر إذا بمن يتحكم فيدعى الاجماع باتفاق الخمسة والعشرة من الأصحاب مع جهالة