الأول: كما هو مقتضى ارتباطه به وترشحه منه - ففي هذه الصورة يمكن القول: بأن إطلاق الوجوب وعدم تقيده بزمان خاص أو مكان خاص يقتضي كونه ثابتا في جميع الأزمنة والحالات، ولازم ذلك كونه نفسيا، إذ لو كان غيريا لكان مشروطا بكل ما اشترط به الواجب الأول.
الثاني: أن يكون هنا واجب نفسي غير مشروط بحالة مخصوصة، بل كان ثابتا في جميع الحالات والأزمنة، ويكون واجب آخر شك في أنه نفسي أو غيري مرتبط بالأول، وفي هذه الصورة لا مجرى للاطلاق، حتى يقال باقتضائه النفسية، والمحقق الخراساني كان يقول بجريان الاطلاق في هذه الصورة أيضا بتقريب ذكرناه، وحاصله: ان اشتراط وجوب هذا الشئ بكون غيره واجبا - الذي هو ملاك غيرية الوجوب - قيد زائد منفي بأصالة الاطلاق. وفيه: ما مر من أن الوجوب النفسي الثابت لذي المقدمة علة للوجوب الغيري المترشح إلى المقدمة، فلا يعقل أن يكون من قيوده لكون العلة في المرتبة المتقدمة على المعلول، فما يترشح من وجوب ذي المقدمة عبارة عن ذات الوجوب الثابت للمقدمة، لا الوجوب المقيد بكونه مترشحا من وجوب ذي المقدمة. [1] تذنيب: هل المثوبة بالاستحقاق أو بالتفضل؟:
لا ريب في أن العقل يستقل باستحقاق العبد للعقاب عند مخالفته للأوامر النفسية الصادرة عن المولى، بمعنى أنه لا يرى عقاب المولى إياه ظلما.
وأما حكمه باستحقاق العبد للثواب والاجر عند موافقته لها، بحيث يعد عدم إعطائه الاجر ظلما في حق العبد ففيه تأمل وإشكال، بل العقل السليم يشهد بعدمه، وذلك لحكم العقل والعقلاء بأن المولى بمولويته مالك للعبد بجميع شؤونه وأفعاله، فله أمر العبد بفعل من غير أن يعطيه أجرا، وهذا من لوازم المولوية والعبودية الملازمتين للمالكية والمملوكية بجميع الشؤون، وكلما كانت العبودية أشد كان عدم الاستحقاق أظهر، ففي الموالي والعبيد العرفية التي لا ملاك فيها للمولوية إلا اعتبار العقلا، لا نحكم بثبوت استحقاق الاجر فكيف نحكم بثبوته للعبد من مولى [1] وقد حقق في محله أن المعلول بالنسبة إلى علته لا مطلق ولا مقيد، لكنه لا ينطبق إلا على المقيد، فإن أثر النار مثلا إنما هو الحرارة الخاصة، أعني الحرارة الحاصلة بها، لا الحرارة المطلقة. وبعبارة أخرى: ليس في المعلول إطلاق ولا تقييد لحاظي بالنسبة إلى علته، لكنه بحسب الذات مقيد ح - ع - م.