هل الامر بالشئ يقتضي النهي عن ضده؟ اختلفوا في أن الامر بالشئ يقتضي النهي عن ضده، بحيث يصير حراما شرعيا أو لا؟ وقد قسموا الضد إلى العام والخاص، ومرادهم بالضد الخاص أحد الاضداد الوجودية على نحو التعيين كالصلاة بالنسبة إلى الإزالة، و ذكروا للضد العام معنيين: أحدهما - وهو المشهور - الترك، وثانيهما أحد الاضداد الوجودية لا بعينه. والأقوال في المسألة كثيرة، فقال بعضهم: إن الامر بالشئ عين النهي عن ضده وآخرون: إن دلالته عليه بالتضمن، ومنهم من قال: إن دلالته عليه بالالتزام، ثم اختلفوا في أن اللازم هنا بين أو غير بين بالمعنى الأخص أو الأعم.
ثم إن بعضا منهم قد أطلق في مقام طرح النزاع، وبعضهم قال: إن النزاع في الضد العام وأما الخاص فلا نزاع في عدم اقتضاء الامر للنهي عنه، وقال آخرون: إن النزاع في الخاص، وأما العام بمعنى الترك، فلا نزاع في دلالة الامر على النهي عنه.
ثم إن الظاهر كون المسألة من المبادئ الاحكامية، وقد كان القدماء من الأصوليين يذكرون في كتبهم الأصولية نبذا من المبادئ اللغوية، ونبذا من المبادئ العقلية كالبحث عن الحسن والقبح، ونبذا من المبادئ الاحكامية. والمراد بالمبادئ الاحكامية لوازم الاحكام و ملزوماتها وملازماتها، وحيث إن الموضوع في علم الأصول عبارة عما هو الحجة على الأحكام الشرعية احتاج الأصولي من جهة زيادة البصيرة إلى البحث عن أقسام الأحكام الشرعية، والبحث عن لوازمها وملازماتها وملزوماتها.
أقسام المتغايرين:
اعلم أن أرباب المعقول قسموا المتغايرين إلى المثلين والخلافين و المتقابلين، ثم قسموا المتقابلين