الصرف هو الكلمة من حيث الصحة والاعتلال، وهكذا، إنما يريدون بذلك كون حيثية الاعراب والبناء موضوعا لعلم النحو، وحيثية الصحة والاعتلال موضوعا لعلم الصرف. وعلى هذا فيكون تمايز جميع العلوم بتمايز الموضوعات.
نقد كلام صاحبي الفصول والكفاية:
فما في الفصول: من أن تمايز العلوم قد يكون بتمايز الموضوعات، و قد يكون بتمايز الحيثيات، قد نشأ من الغفلة والذهول عما هو لب مراد القوم حيث أضافوا قيد الحيثية.
وقد اتضح بما ذكرنا أيضا فساد ما ذكره شيخنا الأستاذ (قدس سره) في الكفاية حيث قال:
إن موضوع العلم هو نفس موضوعات مسائله عينا وما يتحد معها خارجا، وإن كان يغايرها مفهوما تغاير الكلي ومصاديقه والطبيعي وأفراده. (انتهى).
ووجه الفساد ما عرفت من أن موضوع العلم هو محمولات المسائل و الجامع بينها، وهو وإن كان متحدا مع موضوعات المسائل خارجا، إلا أنه ليس التغاير بينه وبين موضوعات المسائل من سنخ تغاير الطبيعي وأفراده، بل من سنخ تغاير العرض المنطقي و معروضه، فإن الطبيعي ذاتي لافراده، وهذا بخلاف جامع المحمولات بالنسبة إلى خصوصيات الموضوعات، حيث إن كلا منهما خارج من ذات الاخر، كما عرفت توضيحه.
واتضح أيضا فساد ما قال (قدس سره): من أن تمايز العلوم بتمايز الاغراض، حيث عرفت أن الجهة التي بها تمتاز مسائل كل علم من مسائل سائر العلوم هي جهة ذاتية موجودة في نفس المسائل، وما لم تتمايز العلوم بذواتها لم تتمايز الاغراض المطلوبة منها، فإنها أمور متفرعة عليها، والاختلاف فيها يكشف عن نوع اختلاف في نفس الذوات، فالغرض من علم النحو مثلا هو العلم والإحاطة بالاختلافات الواقعة في أواخر الكلمات، وجهة الاختلاف فيها، و الغرض من علم الصرف هو العلم بالاختلافات الواقعة في نفس الأبنية، فلا محالة تكون مسائل علم النحو بذواتها مربوطة بالاختلافات الواقعة في آخر الكلمة، وتكون هي الجهة المبحوث عنها فيه، و مسائل الصرف بذواتها مربوطة بالاختلافات الواقعة في نفس الأبنية، و باعتبار هذا الميز الذاتي بينهما يختلف الغرض منهما.
فإن قلت: كما يمكن أن يتصور بين محمولات مسائل النحو جامع يساويها يمكن أيضا أن يتصور جامع أعم بحيث يعم مسائل النحو و الصرف مثلا، أو جامع أخص بحيث يعم بعض