ذلك، فهما وصفان للموجودات، لا للعناوين والمفاهيم. ولكن اتصاف الموجودات بهما إنما هو بالقياس إلى العناوين المترقبة، و ربما يكون موجود خاص بالقياس إلى عنوان تاما، وبالقياس إلى عنوان آخر غير تام، فيتصف بالصحة بالنسبة إلى الأول وبالفساد بالنسبة إلى الثاني.
وقد اتضح بما ذكرناه أن اتصاف الموجودات بالصحة والفساد ليس بلحاظ الآثار، من دون توسيط العناوين فإن الآثار آثار لا محالة لعناوين خاصة، فالاتصاف بالوصفين إنما يكون بالقياس إلى العناوين المترقبة ولا محالة يترتب الأثر، بعد تحقق العنوان الذي هو موضوع له.
تصوير الجامع سيما على القول بالأعم:
ثم إن المهم في مسألة الصحيح والأعم إنما هو تصوير الجامع بين الافراد والمراتب، ولا سيما على القول بالأعم. قال شيخنا الأستاذ في الكفاية ما حاصله:
إنه لا إشكال في وجود الجامع بين الافراد الصحيحة، وإمكان الإشارة إليه بخواصه وآثاره.
فان الاشتراك في الأثر كاشف عن الاشتراك في جامع واحد، فيصح تصوير المسمى بلفظ الصلاة مثلا (بالناهية عن الفحشاء)، وما هو (معراج المؤمن) ونحوهما (انتهى).
أقول: أما تصوير الجامع الذاتي بين أفراد الصلاة مثلا فغير معقول، فان الصلاة ليست من الحقائق الخارجية، بل هي عنوان اعتباري ينتزع عن أمور متباينة، كل واحد منها من نوع خاص، وداخل تحت مقولة خاصة، وليس صدق عنوان الصلاة على هذه الأمور المتباينة صدقا ذاتيا، بحيث تكون ماهية هذه المتكثرات عبارة عن الحيثية الصلاتية، ثم إنه تختلف أجزاؤها وشرائطها باختلاف حالات المكلفين، من الحضر والسفر، والصحة والسقم، والاختيار و الاضطرار، ونحو ذلك، وعلى هذا فلا يعقل تصوير جامع ذاتي بين أجزائها في مرتبة واحدة، فكيف بين مراتبها المتفاوتة.
وأما الجامع العرضي فتصويره معقول، حيث إن جميع مراتب الصلاة مثلا بما لها من الاختلاف في الاجزاء والشرائط تشترك في كونها نحو توجه خاص، وتخشع مخصوص من العبد لساحة مولاه، يوجد هذا التوجه الخاص بإيجاد أول جز منها ويبقى إلى أن تتم، فيكون هذا التوجه بمنزلة الصورة لتلك الأجزاء المتباينة بحسب الذات، و تختلف كمالا ونقصا باختلاف المراتب.
والحاصل: ان الصلاة ليست عبارة عن نفس الأقوال والافعال المتباينة المتدرجة