الهتك ليس مصداقا للهتك، بل يكون قبيحا من جهة تعلقه بالهتك القبيح [1] نقد كلام صاحب الفصول:
وبما ذكرنا لك من أن الثواب والعقاب يدوران مدار الحسن والقبح العرضيين الثابتين للفعل بجهة انتسابه إلى المولى من دون دخالة للمصالح والمفاسد الكامنة في الافعال، يظهر ما في كلام (صاحب الفصول) حيث إنه بعد ما اختار في الجملة قبح التجري وحرمته قد فصل بين موارده فقال ما حاصله: انه لو قطع بحرمة فعل أو وجوبه و كان بحسب الواقع مباحا أو مندوبا أو مكروها كان مخالفة هذا القطع موجبة لاستحقاق العقوبة ولو قطع بحرمة فعل وتجري بفعله و اتفق كون الفعل واجبا بحسب الواقع أو قطع بوجوبه وتجري بتركه وكان حراما في الواقع، وقع التزاحم بين الجهة الواقعية وبين القبح الناشئ من التجري، وربما تغلب الجهة الواقعية على جهة التجري فيرفع قبحه. ولو قطع بالحرمة أو الوجوب ثم تجري وصادف قطعه، والواقع، تداخل عقاب الواقع والتجري. انتهى.
ونحن نقول: انه وان ظهر ضعف كلامه مما ذكرنا ولكن نوضح ذلك ثانيا بالتنبيه على أمرين:
الأول:
انه قد قرع سمعك في مطاوي كلماتهم، ان الحسن والقبح هل يكونان ذاتيين أو يختلفان بالوجوه والاعتبارات؟ والتحقيق ان يقال:
انهما، ان لو حظا بالنسبة إلى العناوين الحسنة أو القبيحة، فذاتيان وان لو حظا بالنسبة إلى المعنونات والمصاديق فيختلفان بالوجوه و الاعتبارات، ومعنى كونهما ذاتيين للعناوين، ان بعض العناوين تكون بحيث لو جرد النظر عن غيرها وصار النظر مقصورا على ذاتها، كانت موضوعة لحكم العقل عليها بالحسن أو القبح، فالظلم قبيح بحكم العقل والاحسان حسن بالذات بمعنى ان العقل إذا لاحظ نفس عنوان الظلم بما هو هو، حكم بقبحه وإذا لاحظ عنوان الاحسان حكم بحسنه.
واما المعنونات، أعني الافعال الصادرة من الفواعل، فاتصافها بالحسن والقبح انما هو بانطباق [1] وبالجملة: قبح العزم والإرادة انما هو بتبع قبح متعلقهما وكل ما بالعرض ينتهى إلى ما بالذات فالعقاب يرجع إلى ما هو قبيح بالذات. ح - ع - م.