هذه خلاصة كلامه (قده) ونحن قد أثبتنا في محله بطلان كلتا المقدمتين وان البعث والزجر من عوارض الباعث والزاجر حقيقة لصدورهما منه ولا عروض لهما بالنسبة إلى المتعلق وان المتعلق ليس الا نفس العنوان الكلي الذي تعلقت به الإرادة. فراجع ما حررناه في مسألة اجتماع الأمر والنهي.
فان قلت: تعلق الحرمة تارة بالخمر وأخرى بمعلوم الخمرية وان لم يكن من باب اجتماع المثلين ولكن يترتب عليه محذور اللغوية.
قلت: يمكن ان يكون في نفس الخمر مفسدة وفي معلوم الخمرية مفسدة أخرى، فيتعلق بهما زجران وفائدتهما انه قد لا ينزجر الانسان عن زجر واحد وينزجر عن الزجرين لمكان شدة العقوبة. فافهم.
قيام الامارات وبعض الأصول مقام القطع:
ثم إن الامارات وبعض الأصول مثل الاستصحاب تقوم مقام القطع الطريقي دون الموضوعي مطلقا.
اما الأول: فلما عرفت من أن أثر القطع تنجز الواقع بمعنى كون المكلف مستحقا للعقوبة على الواقع لو خالف قطعه وكان مصادفا من باب الاتفاق، وهذا الأثر بعينه يترتب على الامارات وعلى هذا السنخ من الأصول أعني، ما يكون محرزا للواقع وقد عرفت تفصيل ذلك آنفا، فراجع.
واما الثاني: أعني عدم قيامها مقام القطع الموضوعي سواء كان تمام الموضوع بان لا يكون للمتعلق دخالة في موضوعيته أو كان جزا للموضوع بان كان الموضوع مركبا من القطع ومتعلقه، فبيانه يتوقف على بيان كيفية جعل الامارات والأصول بنحو الاجمال.
فنقول: معنى اعتبار الامارة المتعلقة بحكم أو موضوع هو وجوب فرض مؤداها من الحكم أو الموضوع واقعا ووجوب ترتيب آثار الواقع على مؤداها، فإذا أدت الامارة عدالة زيد مثلا، فمعنى اعتبار الشارع لهذه الامارة هو وجوب البناء على كون العدالة متحققة و وجوب ترتيب آثارها ولزوم إلغاء احتمال عدم تحققها واقعا. فهذا الاعتبار انما يصح من الشارع إذا كان ما قامت عليه الامارة حكما شرعيا أو موضوعا ذا حكم وأراد الشارع بجعلها ترتيب آثار المؤدى، فهذا الذي ذكرنا في معنى جعل الامارة مما لا إشكال فيه.
فإذا عرفت ذلك، يتضح لك عدم جواز قيامها مقام القطع المأخوذ موضوعا بكلا قسميه، إذ