لحكم العقل بالقبح، وانما يستقل بقبحه إذا انطبق عليه ما يقبح ذاتا من العناوين كالاضرار بالغير والظلم عليه وهذا المعنى لا يتحقق بالنسبة إلى ملك الله تعالى فان الناس ينتفعون بأملاكهم ويصرفونها في حوائجهم فمزاحمتهم في ذلك إضرار بهم وظلم عليهم واما هو تعالى فملكه وسيع لاحد له ولا ينتفع به ولا يتضرر بالتصرف فيه ولا يرد به نقص فيه ولا نسل كون مطلق التصرف في ملك الغير ظلما عليه ما لم يتضرر به ولم يكن بحيث يوجب ضيقا عليه وهل يحتمل أحد في الله تعالى - الذي خلق الناس وهم فقرأ محتاجون في إمرار الحياة من الاستفادة من الأعيان الخارجية وخلق عالما وسيعا يوجد فيه جميع ما يحتاجون إليه ويناسب طباعهم وهو تعالى غنى عن جميعها لا ينتفع بشئ منها ولا يتضرر بالتصرف فيها - ان يكون التصرف في أمواله وأملاكه محرما عند العقل وظلما عليه تعالى؟
لا، بل لا يحتمل ذلك في الموالي المجازية أيضا إذا جمع أحدهم عبيده في مكان وهيأ فيه جميع وسائل الحياة.
اللهم الا ان يقال: بان ذلك بنفسه مما يستكشف منه الاذن والرضاية فلا يكفي هذا البيان لصورة الشك والاحتمال وكيف كان فلا يحكم العقل بالحظر في أملاك مثله تعالى ويشهد لذلك قوله تعالى في مقام الرد على من يجعل نفسه محروما من الاستفادة عن مزايا الطبيعة:
(قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق) الآية. فتدبر فإنه يعلم منها ان جعل الانسان نفسه محروما منها قبيح عند العقل إذا لم يحرمها الله تعالى.
3 - ومما توهم أيضا ورودها على حكم العقل المزبور أيضا ما ادعاه الأخباريون من جعل الشارع حكما طريقيا في خصوص الشبهات الحكمية التحريمية وهو وجوب الاحتياط فيها بحكم الشارع تحفظا على الواقعيات، وهذا هو الحيثية الثانية من الحيثيات الثلاث التي أشرنا إمكان البحث عنها.
أدلة الأخباريين على وجوب الاحتياط:
ما استدلوا به على الاحتياط في الشبهات التحريمية ثلاثة:
الكتاب والسنة والعقل.
اما الكتاب: فبآيات تنقسم إلى طوائف: