الأمر الثالث: الحقيقة والمجاز قال شيخنا الأستاذ العلامة (قدس سره) في الكفاية: صحة استعمال اللفظ فيما يناسب ما وضع له هل هي بالوضع أو بالطبع؟ وجهان بل قولان، أظهرهما أنها بالطبع، بشهادة الوجدان بحسن الاستعمال فيه و لو مع منع الواضع عنه، وباستهجان الاستعمال فيما لا يناسبه و لو مع ترخيصه، ولا معنى لصحته إلا حسنه (انتهى).
ونقول توضيحا لكلامه: إنه إن سمى رجل ولده زيدا مثلا، واتفق شجاعة هذا الولد بحيث صار معروفا بها وصارت من أظهر خواصه، نرى بالوجدان صحة استعمال لفظ زيد واستعارته لمن أريد إثبات شجاعته، وإن لم يطلع على ذلك أبو الولد (الذي هو الواضع)، بل لو اطلع وصرح بالمنع عنه، كيف ولو احتاج إلى إجازة الواضع ووضعه شخصا أو نوعا، لم يكن ذلك استعمالا مجازيا، بل يكون على نحو الحقيقة بسبب وضعه على حدة.
ولكن يرد في المقام أن المصرح به في كلامه (قدس سره) كون صحة الاستعمال في الاستعمالات المجازية عين حسنه، وأنهما يستندان إلى الطبع، وهو عندنا محل نظر، إذ الظاهر كون صحته غير حسنه، و أن المستند إلى الطبع هو الحسن دون الصحة، فإنها تستند إلى الواضع دائما ولو في الاستعمالات المجازية.
هل المجاز استعمال للفظ في غير ما وضع له؟:
ومنشأ الخلط في المقام ما قرع سمعهم من كون الاستعمال المجازي استعمالا للفظ في غير ما وضع له، وهو فاسد جدا، إذ اللفظ لا يستعمل إلا فيما وضع له من جهة أن الدلالة اللفظية