الفصل الثامن:
جواز تخصيص الكتاب بالمفهوم المخالف قال في الكفاية ما حاصله: إنهم اختلفوا في جواز التخصيص بالمفهوم المخالف مع الاتفاق على الجواز بالمفهوم الموافق، وتحقيق المقام:
أنه إذا ورد العام وماله المفهوم في كلام أو كلامين، ولكن على نحو يصلح أن يكون كل منهما قرينة للتصرف في الاخر، ودار الامر بين تخصيص العموم أو إلغاء المفهوم، فلا يكون هناك عموم ولا مفهوم، فلا بد من العمل بالأصول العملية إذا لم يكن أحدهما أظهر، و منه قد انقدح الحال فيما إذا لم يكن بينهما ذاك الاتصال وأنه يعامل معهما معاملة المجمل لو لم يكن في البين أظهر، وإلا فهو المعول (انتهى).
أقول: دعوى الاتفاق في مفهوم الموافقة بلا وجه، فإن تلك المسألة أيضا خلافية، كما هو المستفاد من عبارة العضدي، ثم إن الاتفاق في أمثال هذه المسائل لا يستكشف منه قول المعصوم عليه السلام فلا حجية فيه. ثم إنه (قده) كما ترى فصل بين كون ماله المفهوم متصلا بالكلام أو كالمتصل وبين غيره، ولكنه جعل حكم الشقين واحدا، و على هذا فيكون تفصيله وتشقيقه لغوا، إذ التشقيق إنما يحسن فيما إذا اختلف الشقان بحسب الحكم، والتحقيق أن يقال: إن المسألة من باب تعارض المطلق والمقيد، وحكمه حمل المطلق على المقيد، بعد إحراز وحدة الحكم، كما سيأتي في محله.
بيان ذلك: أنه إذا ورد مثلا أن الله تعالى خلق الماء طهورا لا ينجسه شي، إلا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته استفدنا منه أن حيثية المائية تمام الموضوع، لعدم التنجس من غير فرق بين أن يجعل الألف واللام في كلمة الماء للجنس أو للاستغراق. فمفاد هذا الدليل أنه لا دخالة لقيد آخر في هذا الحكم، ثم إذا ورد قوله: الماء إذا بلغ قدر كر لا ينجسه شي، استفدنا منه كون الماء بقيد الكرية موضوعا لعدم التنجس، ولاجل ذلك يستفاد منه المفهوم، فيكون مفاده كون حيثية