الفصل الثاني:
ما يدل على العموم مما يدل عقلا على العموم النكرة الواقعة في سياق النفي أو النهي، فإن ثبوت الطبيعة بثبوت فرد ما وانتفاءها بانتفاء جميع الافراد، و هذا واضح. والطبيعة الواقعة في سياقهما مرسلة لا مبهمة فلا نحتاج إلى إجراء مقدمات الحكمة فيها، وسيأتي تحقيقه في مبحث المطلق و المقيد.
ثم إن الأظهر في (لا) التي لنفي الجنس عدم الاحتياج إلى الخبر، كما أفاده سيبويه، فإن المتبادر من نحو (لا رجل إنما هو نفي طبيعة الرجل لا نفي الوجود عنها، ويعلم ذلك بملاحظة مرادفها في الفارسية حيث يعبرون عنها بقولهم (نيست مرد) ولا يقولون (نيست مرد موجود).
فإن قلت: الطبيعة من حيث هي ليست إلا هي، لا موجودة ولا معدومة.
قلت: مرادهم بهذا الكلام أن الوجود والعدم ليسا في مرتبة ذات الطبيعة، بحيث يحملان عليها بالحمل الأولي، وإلا فهي بالحمل الشائع إما موجودة أو معدومة.
فإن قلت: كلمة (لا) من الحروف، والحروف وضعت للارتباطات، و الربط لا يتحقق إلا بين شيئين، فنحتاج في نحو (لا رجل إلى تقدير خبر.
قلت: يمكن أن يقال: إن مفاد (لا) في هذه المقامات هو النفي بالمعنى الاسمي، فإنه المتبادر منها.