إلى النقيضين والضدين والمتضايفين والعدم والملكة، إذ التقابل إما أن يكون بين وجوديين أو بين وجودي وعدمي، أما الثاني فهو على قسمين: إيجاب وسلب إن كان العدم عدما مطلقا، وعدم وملكة إن كان العدم عدم ما من شأنه الوجود، وأما الأول فإن كان كل من الوجوديين في مقام التعقل محتاجا إلى الاخر، فهما متضايفان وإلا فمتضادان. وقد عرفوا الضدين بأنهما أمران وجوديان يتعاقبان على موضوع واحد، وبينهما غاية الخلاف ويشتركان في جنس قريب. والضد عند الأصوليين أعم مما ذكره أهل المعقول، لما عرفت من أنهم يطلقون الضد على الترك أيضا. [1] الضد العام:
إذا اتضحت لك هذه الأمور فلنشرع في البحث عن أصل المسألة، فنقول: الظاهر أن القائلين بكون الامر بالشئ عين النهي عن ضده، أو كون النهي عن الضد جزا له أرادوا بالضد الضد العام، وإلا فادعاء العينية أو الجزئية في الضد الخاص في غاية البعد. أما القائلون بالجزئية في الضد العام فقد دعاهم إلى هذا القول توهم أن الوجوب - الذي هو مدلول الامر - عبارة عن طلب الشئ مع المنع من الترك، بحيث يكون الطلب جنسا والمنع من الترك فصلا له. وهذا توهم فاسد لما عرفت سابقا من أن الوجوب عبارة عن مرتبة أكيدة من الطلب الانشائي، وهو أمر بسيط، غاية الأمر أن القدماء كانوا يعبرون عنه في مقام التعليم والتفهيم بذلك المركب، فليس هو أمرا مركبا من الجنس والفصل.
وأما القائلون بالعينية في الضد العام فعمدة نظرهم إلى ما زعموه من كون حقيقة النهي عبارة عن طلب ترك متعلقه فإذا كان المتعلق له تركا صار معناه طلب ترك الترك، وهو عين طلب الفعل، فإن عدم العدم وإن كان يغاير الوجود مفهوما، لكنهما متحدان في نفس الامر، فكل ما هو مصداق للوجود فهو بعينه مصداق لعدم العدم، لا نقول: إنه مصداق له حقيقة فإن الامر الوجودي بما هو كذلك يستحيل أن يكون مصداقا حقيقيا للعدم، بل نقول: إنه إن قطعنا النظر عن مفهومي الوجود وعدم العدم، وحاولنا لحاظ ما هو الوجود في نفس الامر وما هو عدم العدم في نفس الامر وجدنا نفس أمريتهما واحدة.
وبالجملة: الامر بالفعل عبارة عن طلب الفعل الذي هو عين طلب ترك ترك الفعل في نفس [1] بل الصلاة والإزالة أيضا مع كونهما وجوديين ليستا بضدين عند أرباب المعقول، كما يظهر وجهه بمراجعة تعريف الضدين. ح - ع - م.