الواجب من فور أو إزالة النجاسة عن المسجد، فإن فعل الصلاة ضد لهما، بمعنى أنه لا يمكن اجتماعها معهما في الوجود في آن واحد، فلو كان الامر بأداء الدين أو إزالة النجاسة عن المسجد مقتضيا للنهي عن ضده كان اللازم بطلان صلاة المكلف، إن أتى بها حين الامر بهما.
أدلة القول بحرمة الضد الخاص:
إن القائلين بحرمة الضد الخاص كانوا في الاعصار المتقدمة يستدلون على الحرمة بوجهين:
الأول:
أن إتيان الضد كالصلاة مثلا مستلزم للمحرم، ومستلزم المحرم محرم، أما الصغرى فلان إتيان الضد كالصلاة مستلزم لترك الواجب، أعني الإزالة مثلا، وترك الواجب محرم، لكونه ضدا عاما للواجب، و الامر بالشئ يدل على حرمة ضده العام قطعا، فإتيان الضد مستلزم للمحرم. وأما الكبرى فلان المراد بالاستلزام فيها هو المقدمية للحرام، بنحو لا ينفك وجود الحرام من المقدمة، وحرمة المقدمة السببية للحرام مما لا ريب فيها.
الثاني:
أن إتيان الواجب، أعني الإزالة مثلا متوقف على ترك ضده أعني الصلاة، فيجب ترك الصلاة من باب المقدمية للواجب، ولازم ذلك حرمة الصلاة من جهة كونها ضدا عاما لترك الصلاة، إذ لضد العام للترك هو الفعل، كما أن الضد العام للفعل هو الترك.
وإن شئت قلت: إن الضد العام للترك، ترك الترك، وهو يتحد مع الفعل في نفس الامر، وإن اختلفا مفهوما.
هذا ما ذكروه من الوجهين، وأنت ترى توقف الأول منهما على كون الامر بالشئ مقتضيا للنهي عن ضده العام، وكون مقدمة الحرام حراما، كما أن الثاني منهما يتوقف على حرمة الضد العام أيضا، وكون مقدمة الواجب واجبة، وكون ترك أحد الضدين مقدمة لوجود الضد الاخر.
والفرق بين الوجهين واضح، فإن الأول منهما يبتنى على كون فعل الضد مقدمة لترك الواجب المحرم، فيكون حراما، والثاني منهما يبتنى على كون ترك الضد مقدمة لفعل الواجب، فيكون واجبا من جهة المقدمية للواجب.
واعلم أن التضاد من النسب المتشابهة الأطراف، كالاخوة مثلا، فأي حكم ثبت لاحد الطرفين من جهة التضاد فلا محالة يثبت للطرف الآخر أيضا، فلو كان فعل أحد الضدين مقدمة لترك الاخر كان فعل الاخر أيضا مقدمة لترك هذا، كما أن ترك أحدهما لو كان مقدمة لفعل الاخر كان ترك الاخر أيضا مقدمة لفعله. وعلى هذا فمقتضى الجمع بين الدليلين الالتزام بدور