الأمر الأول:
الملازمة بين وجوب الشئ ووجوب مقدماته قد ذكر في الكفاية ما حاصله: (ان المسألة أصولية، لكون البحث فيها عن الملازمة لا عن وجود اللازم أعني وجوب المقدمة حتى تكون المسألة فرعية).
أقول: قد اتضح لك مما ذكرناه في موضوع علم الأصول عدم كون المسألة أصولية وإنما هي من المبادي الاحكامية للفقه، حيث إنه كان للقدماء مباحث يبحث فيها عن معاندات الاحكام.
وملازماتها يسمونها بالمبادئ الاحكامية، ومنها هذه المسألة.
فإن قلت: إن كان موضوع علم الأصول عبارة عن عنوان (الحجة في الفقه) وكان البحث في العلم عن تعيناتها وتشخصاتها - كما مر شرح ذلك في مبحث الموضوع - فلم لا تكون المسألة أصولية، مع أن البحث فيها عن تعين من تعيناتها، إذ يبحث فيها عن أن وجوب الشئ حجة على وجوب مقدماته أم لا؟.
قلت: ليس البحث في المسألة عن الحجية، بل عن الملازمة بين الوجوبين، إذ مع عدم الملازمة لا معنى لحجية وجوب شي على وجوب شي آخر، وبعد ثبوت الملازمة لا مورد للبحث عن الحجية، فإن وجود أحد المتلازمين حجة على الاخر بالضرورة، ولا مجال للبحث عنها، و بالجملة محط النظر في المسألة هو إثبات الملازمة لا الحجية.