فإنها معنى اندكاكي وضعت بإزائه هيئة الجملة ويكون المقصود من إفهامه للمخاطب، تصديقه بوقوعه.
فتلخص مما ذكرنا ان عمل اللفظ في المعنى اما ان يكون بنحو الايجاد بان يصير آلة لايجاده، واما ان يكون بنحو الافهام، والأول على قسمين والثاني على ثلاثة أقسام، فصار المجموع خمسة.
وليعلم، ان حيثية الافهامية والايجادية والتصورية والتصديقية، ليست مما وضع اللفظ بإزائها، بل هي من أنحاء الاستعمال، فلفظ (هذا) مثلا، لم يوجد بإزاء إيجاد الإشارة بل وضع بإزاء حقيقة الإشارة، غاية الأمر ، ان عمل اللفظ في هذا المعنى يكون بنحو الايجاد، بمعنى ان هذا اللفظ يكون آلة لايجاد هذا المعنى، وكذلك هيئة الجملة مثلا، لم توضع بإزاء التصديق بوقوع النسبة، بل وضعت بإزاء نفس النسبة، غاية الأمر ان عمل اللفظ فيها يكون بنحو التصديق بمعنى انها وضعت ليستعمل فيها استعمالا إفهاميا تصديقيا.
وبالجملة، فهذه حيثيات لاحظها الواضع في وضعه من جهة ان وضعه كان لرفع الاحتياجات والناس ربما يحتاجون إلى إيجاد المعنى، و ربما يحتاجون إلى إفهامه، ثم الذي يحتاجون إلى إفهامه، اما ان يكون معنى مستقلا، واما ان يكون حقيقة اندكاكية، والحقيقة الاندكاكية التي أريد إفهامها، اما ان يراد بإفهامها للمخاطب، ان يصدق بوقوعها، واما ان لا يكون كذلك، بل يراد بإفهامها له، ان يتصورها بما هي عليه من الاندكاك والفناء في غيره، فإذا احتاج الناس إلى هذه الانحاء من الاستعمال، فلا محالة كان على الواضع ان يجعل بعض الألفاظ بإزاء بعض المعاني ليستعمل فيه بنحو الايجاد، و بعضا منها بإزاء بعض آخر ليستعمل فيه بنحو الافهام، اما بنحو التصور، أو بنحو التصديق فتدبر.
وقد اتضح لك مما ذكرنا، ان دلالة اللفظ على المعنى الافهامي، اما أن تكون تصورية، واما تصديقية، فالأولى كدلالة الأسماء على معانيها الاستقلالية ودلالة الحروف على معانيها الاندكاكية التي هي حقائق ارتباطية، ترتبط بسببها المفاهيم الاستقلالية. والثانية كدلالة هيئة الجملة على النسبة الايقاعية التي تقع متعلقة للتصديق.
معنى تبعية الدلالة للإرادة:
ثم إن المراد بالدلالة التصديقية التي تتبع الإرادة، هو ما ذكرنا لا ما ذكره (المحقق الخراساني) في