الجهل الا ان يوصلها المولى إلى العبد بخطاب اخر طريقي. وعلى هذا ففي ما نحن فيه بعد ما فرض عدم وصول الخطاب الواقعي وعدم خطاب طريقي أيضا وكون المتحقق للعبد صرف الاحتمال، لا يكون التكليف الواقعي على فرض ثبوته فعليا ولا يكون المولى مريدا لانبعاث العبد وانزجاره فلا يخرج العبد بمخالفته عن رسوم العبودية ولا تستحق العقوبة إذ الفرض عدم تحقق التكليف بحقيقته و روحه قطعا وعدم إمكان تحققه في هذه الصورة.
ولا يتوهم إمكان باعثية التكليف وزاجريته بنفس وجوده الواقعي تمسكا بوقوع ذلك في موارد الاحتياط حيث إنه لا علم به ومع ذلك ينبعث العبد وينزجر.
فإنه يقال: ان الانبعاث والانزجار في موارد الاحتياط بصرف الاحتمال لا بالتكليف المحتمل فإن الاحتمال غير ملازم لتحققه واقعا ولا يتوقف تحققه وباعثيته على تحقق التكليف في متن الواقع.
والحاصل ان بعض الأعاظم، قد استدل لقبح العقاب بلا بيان وحجة، بما عرفت من عدم إمكان فعلية التكليف وتحققه بروحه في حق الجاهل الذي لم يعثر على الخطاب الواقعي ولا على خطاب طريقي ولكنك عرفت ان ذلك ضروري لا يحتاج إلى الاستدلال وعرفت أيضا ان الحكم بذلك من وظائف العقل فقط، فلا مجال للاستدلال عليه بدليل شرعي.
نعم ورد من الشرع أمور تؤكد هذا المعنى، منها: قوله تعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) فإن مفاده، انا لا نصدر منا هذا المعنى القبيح بضرورة العقل، فتدبر ثم انك قد عرفت ان البراءة عند القدماء كانت مبحوثا عنها بهذا النحو فكان الموضوع عندهم هو الشخص المخلى واحتماله بعد الفحص وعدم الظفر بشئ.
الأمور التي ادعى أنها واردة على قاعدة القبح:
ذكر في المقام أمور ادعى كونها واردة على قاعدة القبح أكثرها يختص بالشبهات التحريمية وواحدة منها وهي قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل يجري بأحد تقريبه في جميع الشبهات وبالاخر في خصوص التحريمية، فقاعدة القبح بكليتها مسلمة حتى عند هؤلاء الاشخاص أيضا ولكنهم ادعوا ارتفاع موضوعها بأحد هذه الأمور، إذ بعد جريان واحد منها، تتحقق حجة قطعية