الفصل الثاني في الاجزاء وقد عنونوا المسألة بوجوه ثلاثة: الأول: ما في كلام بعضهم، وهو أن الامر يقتضي الاجزاء أم لا؟. الثاني: ما ذكره بعض آخر، وهو أن الاتيان بالمأمور به يقتضي الاجزاء أم لا؟ الثالث: ما في الكفاية، وهو أن الاتيان بالمأمور به على وجهه يقتضي الاجزاء.
والمراد بلفظ الاجزاء معناه اللغوي، أعني الكفاية، كما في الكفاية، و لازمها إسقاط التعبد والقضاء. والمقصود من الاقتضاء في العنوان الأول هو الدلالة والكشف لا العلية لعدم كون الامر بنفسه علة للاجزاء، كما هو واضح. والمقصود منه في العنوانين الأخيرين هو العلية، إذ الاتيان علة لسقوط الامر، بل نفسه. وأما قيد (على وجهه) فقد ذكر في الكفاية أن ذكره إنما يكون لشموله الكيفيات المعتبرة في المأمور به شرعا أو عقلا، مثل قصد القربة، على ما اختاره من عدم إمكان أخذه في المأمور به، لا خصوص الكيفيات المعتبرة شرعا فقط، وإلا لكان القيد توضيحيا.
وفيه: أن ما ذكره من عدم إمكان أخذ قصد القربة في المأمور به كلام حدث من زمن الشيخ الأنصاري (قدس سره) وزيادة قيد (على وجهه) في العنوان سابقة على زمنه، فليس ازدياده في العنوان لشمول مثل القربة ونحوها. ولعل ازدياده فيه إنما هو لرد عبد الجبار (قاضي القضاة في الري من قبل الديالمة)، حيث استشكل على الاجزاء بما إذا صلى مع الطهارة المستصحبة، ثم انكشف كونه محدثا، فإن صلاته باطلة غير مجزية مع امتثاله الامر الاستصحابي.
ووجه رده بذلك: أن المأمور به في هذا المثال لم يؤت به على وجهه، من جهة أن الطهارة الحدثية بوجودها الواقعي شرط.