اعتبار قصد التمييز وعدمه:
قد يقال: ان الاختلال فيها يقع من جهة قصد التمييز أيضا بناء على اعتباره.
وفيه: منع الاختلال بشئ سوى ما ذكرنا من اختلاف كيفية الإطاعة.
وتفصيل ذلك: ان من الأمور المعتبرة في بعض الواجبات، هو قصد العنوان المأمور به المعبر عنه بقصد التعيين واعتبار ذلك، انما هو في ما إذا كان الواجب من العناوين القصدية ونعني بالعناوين القصدية ما يكون انطباقها على معنوناتها موقوفا على قصد العنوان من جهة كون صورة العمل الخارجي مشتركة بين هذا العنوان المأمور به و بين عناوين أخرى ولا يكاد ينطبق واحد منها عليها الا بعد إتيانها بهذا القصد كالتعظيم، فان الانحناء امر يشترك بين التعظيم و الإهانة وانطباق كل منهما عليه انما هو بعد إتيانه بقصد هذا أو ذاك، فالقصد مما له دخالة في وجود هذه العناوين وفي تحققها خارجا، وأمثلة ذلك في الشرعيات كثيرة كصلاة الظهر والعصر فإنهما نوعان متباينان مع اشتراكهما في الصورة ويتقوم كل منهما بقصد عنوانه وليس الاختلاف بينهما بصرف التقدم والتأخر بان يكون الظهر اسما للأربعة المأتي بها أولا والعصر اسما للأربعة المأتي بها ثانيا والا لم يكن معنى للعدول من أحدهما إلى الاخر [1] كما لا يخفى.
وبالجملة، فقصد العنوان مما يعتبر في الواجبات المتقومة بالقصد و لكن لا يختص ذلك بالتعبديات إذ يمكن ان يكون بعض التوصليات أيضا مما يعتبر في تحققها القصد كما إذا امر بالتعظيم لزيد مثلا.
إذا عرفت ذلك فنقول: ان أريد بقصد التمييز ما ذكرناه من قصد العنوان، ففيه:
أولا: عدم جريانه في جميع الواجبات التعبدية إذ منها ما لا تكون قصدية كالقصر والاتمام مثلا على ما اخترناه من عدم كونهما قصديين وانما الاختلاف بينهما بالزيادة والنقصان.
وثانيا: عدم اختصاص ذلك بالتعبديات كما عرفت آنفا.
وثالثا: ان الاحتياط لا يوجب الاخلال بذلك فان من يحتاط بإتيان الظهر والجمعة يقصد في الأول خصوص عنوان الظهر وفي الثاني خصوص عنوان الجمعة.
نعم، قد لا يتحقق في بعض المواقع، القصد التفصيلي كما إذا علم بوجوب صلاة مرددة بين [1] أو وقوع المأتي بها أولا عصرا في بعض الصور. ح - ع - م.