ليست مرادة لك بإرادة مستقلة، لعدم كونها محطا لنظرك، فإذا عرفت حال الإرادة فقس عليها البعث والتحريك اللذين هما من مظاهرها، فتأمل.
صورة الشك بين النفسي والغيري:
ثم إنه إذا شك في واجب، أنه نفسي أو غيري؟ فالظاهر حمله على النفسية، فإن الصيغ الانشائية وما هو بمفادها قد وضعت للبعث و التحريك نحو متعلقاتها، والبعث الغيري المتعلق بالمقدمات ليس في الحقيقة بعثا نحو المتعلق، كما عرفت، وإنما هو تأكيد للبعث المتعلق بذيها، فالكلام يحمل على ظاهره وهو البعث الحقيقي نحو ما تعلق به وشيخنا الأستاذ المحقق الخراساني (قدس سره) كان يلتزم بظهورها في الوجوب النفسي وحملها عليه بوجهين:
أحدهما الانصراف، بمعنى أن البعث ينصرف إلى النفسية، ما لم تثبت غيريته. وفيه:
إن مراده من الانصراف إن كان ما ذكرناه - من أن مفاد الصيغ هو البعث والتحريك نحو المتعلق حقيقة والبعث الغيري، ك (لا بعث)، بحسب الحقيقة فلذلك تنصرف إلى النفسية - فقد سلمنا الانصراف، وإن كان مراده أن البعث الغيري أيضا بعث حقيقة مثل النفسي بعينه، ولكن الصيغ مع ذلك تنصرف إلى البعث النفسي، فنحن نمنع هذا الانصراف.
الوجه الثاني، الاطلاق بتقريب: أن ثبوت الوجوب في الواجب الغيري متوقف على وجوب غيره، فهو مقيد ومشروط بوجوب الغير، بخلاف النفسي فإنه واجب مطلقا، وحينئذ فإذا ثبت أصل الوجوب و شك في اشتراطه بكون الغير واجبا كان مقتضى الاطلاق نفي الاشتراط.
وفيه: أنا وإن سلمنا أن البعث في الواجب الغيري أيضا بعث حقيقة، كما هو مفاد كلامه (قدس سره)، لكنه من الواضح أنه بعث مطلق لا بعث مقيد بكون غيره واجبا وكونه مترشحا من قبل هذا الغير، فإن وجوب الغير علة لوجوب المقدمة، ولا يعقل كون العلة التي هي في الرتبة السابقة على معلولها من قيود المعلول وموجبا لتضييق دائرته.
ولنا أن نقول: إن الواجب الذي شك في أنه نفسي أو غيري على قسمين:
الأول: أن يكون هنا واجب نفسي مقيدا بزمان خاص، أو مكان خاص، أو حالة مخصوصة، ويكون واجب آخر شك في أنه نفسي ثابت بنحو الاطلاق، أو غيري ثابت في ظرف ثبوت الواجب الأول، فمرجع الشك في نفسيته وغيريته إلى الشك في أنه يكون ثابتا في جميع الحالات والأزمنة، أو يكون ثابتا في بعض الحالات - أعني حين ما ثبت الوجوب للواجب