وهذا بناء على التفصيل في جريان البراءة في المسألة، والقول بجريانها فيما إذا كان منشأ الشك عدم النص دون إجماله، فإنه على القول بالأعم لا يكون في الخطاب إجمال، وإنما الشك في اعتبار قيد زائد والمفروض عدم الدليل عليه، وأما على القول بالصحيح فيكون نفس الخطاب مجملا.
الثانية:
أنه على القول بالأعم يصح التمسك بالاطلاقات لنفي اعتبار ما زاد على المسمى، دون القول بالصحيح، إذ عليه يرجع الشك إلى أصل الصدق، وهذا بعد تحقق شرائط التمسك بالاطلاق: من كون المتكلم في مقام البيان، وعدم العلم الاجمالي بورود التقييد أو انحلاله بإحراز تقييدات كثيرة بعدد المعلوم بالاجمال. والتحقيق في المسألة أن يقال: إن وضع ألفاظ العبادات كالصلاة، والصوم، ونحوهما لماهياتها ليس بتعيين الشارع، فإن سنخ هذه العبادات كان معمولا متداولا بين جميع أفراد البشر وأرباب الملل، حتى في أعصار الجاهلية أيضا، وكانت هذه الألفاظ المخصوصة موضوعة بإزائها و مستعملة فيها كما عرفت تفصيل ذلك في مبحث الحقيقة الشرعية و على طبق استعمالهم جرى استعمال الشارع أيضا، غاية الأمر أنه تصرف في كيفيتها، وما يكون معتبرا فيها من الاجزاء والشرائط، و بين ذلك بالعمل، أو بتصريحات أخر. فهذه الألفاظ لم تستعمل في لسان الشارع إلا في نفس هذه الماهيات، وهذا السنخ من العبادات المتداولة في جميع الأعصار بين جميع أرباب الملل، واعتبار القيود و الخصوصيات الفردية المعتبرة في شرع الاسلام إنما ثبت بالأدلة الاخر، وليس وضعها بتعيين الشارع حتى يتوهم كون الموضوع له خصوص ما صح عنده وكان واجدا لجميع ما اعتبر فيه من الاجزاء و الشرائط، فتدبر جيدا.
أقسام دخل الشئ في المأمور به:
تبصرة:
قال في الكفاية ما حاصله: (إن دخل شي وجودي أو عدمي في المأمور به تارة بنحو الجزئية، وأخرى بنحو الشرطية، وثالثة بأن يكون مما يتشخص به المأمور به فيكون جزا أو شرطا للفرد لا للماهية).
أقول: تفصيل المقام هو أن الشئ الدخيل في المأمور به قد يكون جزا له، وذلك بأن يكون المتعلق للامر شيئا مؤلفا منه ومن عدة أجزأ أخر وقد اعتبرها الشارع حقيقة واحدة، وتعلق بها أمر واحد من جهة تأثيرها في غرض وحداني، وقد يكون شرطا له وذلك على وجهين: